نقد كتاب أسرار المرضى

الدين والشريعة

المشرف: manoosh

أضف رد جديد
رضا البطاوى
صديق المنتدى
صديق المنتدى
مشاركات: 2988
اشترك في: السبت يوليو 25, 2015 2:08

نقد كتاب أسرار المرضى

مشاركة بواسطة رضا البطاوى » الأحد أغسطس 14, 2022 8:17

نقد كتاب أسرار المرضى
المؤلف هاني بن عبدالله بن محمد الجبير وقد استهل البحث ببيان معنى السر فقال :
"أولا: معنى السر ومفهومه:
السر في اللغة اسم لما يسر به الإنسان أي: يكتمه، وأصل الكلمة يدل على إخفاء الشيء وعدم إظهاره.
فالإسرار خلاف الإعلان، قال تعالى:{يعلم ما يسرون وما يعلنون}"
ثم حدثنا عن أنواع الأسرار فقال :
"والسر ينقسم إلى أنواع:
ما يبلغ الإنسان من الأمور التي يطلب صاحبها كتمانها عليه سواء طلب ذلك صراحة، أو بدلالة الحال بأن يتعمد الحديث عنها حال الإنفراد مثلا.
ما يريد الإنسان عمله مما تدعو المصلحة إلى كتمانه.
ما أمر الشرع بكتمانه وعدم إذاعته.
ما كان الأصل إخفاءه واطلع عليه شخص بسبب مهنته."
وبالقطع الأسرار منها
1-أسرار لا يطلع عليها سوى المسلمون وهى أسرار الجهاد من خلال ما سماه الله البطانة أو الوليجة فلا يجوز لكافر ذمر أو منافق الإطلاع عليها كما قال تعالى :
" لا تتخذوا بطانة من دونكم"
2- أسرار البوح بها يستوجب حد القذف كمن رأى اثنان يزنيان فلا يصح أن يتكلم عن الموضوع لأنه ليس لديه ثلاث شهود معه يشهدان على ذلك وفى هذا قال تعالى :
" لولا يأتون عليه بأربعة شهداء"
3-أسرار يطلب أصحابها كتمانها إلى ما بعد موتهم
4- أسرار تظهر وتذاع بعد فترة كسر النبى(ص) الذى أسره لبعض زوجاته وفيه قال تعالى :
" وإذ أسر النبى إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به واظهره الله عليه"
وتحدث الجبير عن كون موضوع البحث هو السر الذى يطلع عليه أحدهم بسبب مهنته كالطبيب والقاضى وكاتب القاضى والشرطى والمخابراتى فقال :
"وموضع ما يعنينا في هذا المقام هو الرابع منها أصالة، وبقية الأنواع معنية تبعا"
ثم تحدث عن حكم إفشاء السر فقال:
"ثانيا: الأصل في حكم إفشاء السر:
إن ما أمر الشرع بكتمانه فحكمه ظاهر باعتبار فهم دلالة الخطاب الشرعي، ومن ذلك: ما يجري بين الرجل وامرأته حال المعاشرة من أمور الاستمتاع.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص) : (إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها).
قال النووي -676هـ-: في هذا الحديث تحريم إفشاء الرجل ما يجري بينه وبين امرأته من أمر الاستمتاع ووصف تفاصيل ذلك وما يجري من المرأة فيه من قول أو فعل.
أما مجرد ذكر الجماع فهو مكروه؛ لأنه خلاف المروءة، إلا إن كان لحاجة كأن تذكر عجزه عن الجماع، أو إعراضه ، أو لبيان حكم شرعي فهنا يباح.
عن عائشة قالت: إن رجلا سأل رسول الله (ص) عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة ، فقال رسول الله عليه وسلم: (إني لأفعل ذلك أنا وهذه ، ثم نغتسل). أما كتمان الإنسان عملا يريد القيام به فهذا من الحزم مع النفس، لكن لا يرتبط به حكم تكليفي، فللإنسان أن يتحدث عن مشاريع مستقبلية يعتزم القيام بها، وليس عليه في ذلك حرج.
عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله (ص) : (استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان).
أما ما يطلب الإنسان كتمانه مما يبلغ به غيره، فإنه إذا كان إفشاء السر يتضمن ضررا فإفشاء السر حرام، باتفاق الفقهاء ، والضرر عام في كل ما يؤذي الإنسان.
وأما إذا لم يتضمن ضررا فالمختار عدم جواز إفشائه متى ما طلب منه الكتمان، أو دل الحال على ذلك، أو كان مما يكتم في العادة.
وكل هذا حال الحياة أما بعد موت صاحب السر فذهب بعض أهل العلم إلى جواز إفشائه إذا لم يتضمن غضاضة على الميت.
والظاهر أن إفشاء السر لا يجوز سواء حال الموت أو الحياة، وسواء تضمن ضررا أو لا. لأن هذا من قبيل حفظ العهد وهو كالوديعة التي يجب حفظها.
قال تعالى: {يا ايها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون}
عن أنس قال: مر بي النبي (ص) وأنا ألعب مع الصبيان فسلم علينا ثم دعاني فبعثني إلى حاجة له، فجئت وقد أبطأت عن أمي، فقالت:
ما حسبك؟ أين كنت؟ فقلت بعثني رسول الله (ص) إلى حاجة، فقالت: أي نبي وما هي؟ فقلت: إنها سر، قالت: لا تحدث بسر رسول الله (ص) أحدا.
وقد سمى النبي (ص) السر أمانة، عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما أن رسول الله (ص) قال: (إذا حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة).
وأما من قال بأن حفظ السر لا يجب إلا إذا تضمن ضررا فإن دليله على ذلك حديث زينب امرأة عبدالله بن مسعود رضي الله عنهما قالت:انطلقت إلى النبي (ص) فوجدت امرأة من الأنصار على الباب فمر علينا بلال فقلنا سل النبي (ص) أيجزئ عني أن أنفق على زوجي وأيتام لي في حجري، وقلنا : لا تخبر بنا، فدخل فسأله فقال: من هما؟ قال: زينب، قال أي الزيانب؟ قال: امرأة عبدالله، قال: نعم ولها أجران: أجر القرابة وأجر الصدقة.
فالظاهر عندهم أن بلالا كشف السر بإخبار النبي (ص) عن اسم السائلة، قال القرطبي -656هـ- : ليس إخبار بلال باسم المرأتين بعد أن استكتماه بإذاعة سر ولا كشف أمانة لوجهين:
الأول: …أنهما لم تلزماه بذلك وإنما علم أنهما رأتا أن لا ضرورة تحوج إلى كتمانها.
الثاني: …أنه أخبر بذلك جوابا لسؤال النبي (ص) لكون إجابته أوجب من التمسك بما أمرتاه به من الكتمان.
أما ما اطلع عليه صاحبه بمقتضى مهنته فهذا كالمفتى والطبيب الذي يكشف له المستفتى أو المريض بعضا من أسراره، أو يطلع عليها أثناء علاجه، وهو محور اهتمام هذا البحث."
وما سبق هو بيان لحرمة إفشاء السر وهو ما يتعارض مع قوله تعالى :
" وإذا قلتم فاعدلوا "
فأى سر يتعلق بحقوق بشر يجب نشره لأن فى كتمانه ضياع لحقوقهم وعلى العارف بيانه لكى يحصل كل صاحب حق على حقه
وقد أمر الله من يشهد على وصية أن يطلب من صاحبها العدل إن رأى فيها ظلم أى ضياع لحقوق أحد واعتبر الشاهد ظالم كالموصى إن لم يفعل يصلح بين الطرفين وهو ما يعتبر بيان للسر فقال :
"فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم"
ومن ثم فالأسرار على حسب كل موقف إما تفشى وإما يجب كتمانها
وحدثنا الجبير عن حرمة الغيبة فقال :
"ولبيان حكم هذا لا بد من الإتيان بمقدمات تمهد لهذا الحكم كما يلي:
تحريم الغيبة:
والغيبة محرمة بقول الله تعالى:{ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه}
وقد بين رسول الله (ص) ضابطها في قوله: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره قال : أفرأيت إن كان فيه ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته.
فذكر الإنسان لغيره بشيء يكرهه – ولو كان فيه – هو الغيبة.
وهذه تفيدنا قاعدة أن الكلام بما يكرهه المتحدث عنه حرام، وهذا يشمل عيوب الإنسان البدنية، أو الخلقية."
ثم تحدث مرة أخرى عن حرمة نشر السر فقال :
"تحريم نشر السر:
وهو ما يطلب المخبر به كتمانه، أو ما تدل القرينة على سريته مثل أن يخبر به حال الانفراد أو خفض الصوت، أو ما كان من شأنه الكتمان كالمعايب عموما ، أو ما كان فيه مضرة به."
ثم تحدث عن حرمة النميمة فقال :
"تحريم النميمة:
وهي: نقل الكلام على وجه التحريش، أو الإفساد بين الناس، قال عليه الصلاة والسلام: (لا يدخل الجنة قتات) والقتات هو النمام.
فبناء على ما تقدم نخلص إلى أمرين:
السر : هو الذي يفضي به إنسان إلى غيره، أو يطلع عليه بحكم معاشرته أو مهنته ويستكتم عليه أو دلت القرائن على طلب الكتمان، أو كان من شأنه في العادة أن يكتم، أو تضمن ضررا، أو عيبا يكره اطلاع الناس عليه، أو تضمن إفشاؤه الإفساد بينه وبين غيره.
إفشاء السر محرم في الأصل، ويزداد التحريم إن تضمن إفسادا أو ذكرا لعيب فيه."
وعرض الجبير علينا تنبيهات فى الطبيب ومن على شاكلته فقال :
"وينبه هنا إلى أمور:
أ – أن الطبيب ومن في حكمه يتأكد في حقه كتمان السر، ومن حق المريض عليه أن لا يبوح بأي معلومات عنه وذلك أن ثقة المريض في طبيبه هي أساس التعامل بينهما، والمريض إنما أفشى بأسراره وما يعانيه للطبيب لأجل الوصول إلى التشخيص الصحيح.
وحفظ أسرار المريض من حفظ الأمانة وقد قال تعالى:{والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون}
قال ابن الحاج -737هـ- : ينبغي أن يكون – يعني الطبيب – أمينا على أسرار المريض، فلا يطلع أحدا على ما ذكره المريض؛ إذ إنه لم يأذن له في إطلاع غيره على ذلك.
وقال ابن مفلح -763هـ- : كما يحرم تحدثه – يعني غاسل الميت – وتحدث طبيب وغيرهما بعيب ولذا رتب الشرع على هذا الكتمان الأجر الجزيل.
عن عائشة قالت: قال رسول الله (ص):
(من غسل ميتا فأدى فيه الأمانة، ولم يفش عليه ما يكون منه عند ذلك خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه).
ب – أن المجهول الذي لا يذكر اسمه ولا وصف له يميزه عن غيره لا يكون الكلام عنه غيبة، فمن أخبر أنه رأى شخصا ولم يعينه، فإنه لا يكون مفشيا لسر لأن المجهول ليس له غيبة لعدم حصول الضرر عليه بالإخبار عنه.
ج – إذا اذن المريض بإفشاء شيء يخصه فإنه يجوز إفشاؤه لأن الحق له وقد تنازل عنه، إلا إذا كان إفشاؤه يتضمن التعرض لحق الله تعالى أو لحق إنسان آخر.
أما حق الله تعالى فكما لو تضمن رميه ببعض الفواحش أو الدعوة إلى الفساد والرذائل. وأما حق الإنسان فكما لو تعلق الأمر بشخص ثالث فإن له حقا في كتمان السر أيضا. "
وهذا الكلام عن اعتبار الطبيب مؤتمن على أسرار المريض هو من ضمن الخبل المنقول عن الكفار فلا وجود لشىء اسمه أسرار المريض فمثلا كشف مرضه لابد منه لمن حوله كى يقدروا على رعايته وكى يقدروا على منع نقل العدوى إليهم وأما ما يسمونه تخريفه فى أثناء التخدير أو كلامه عند احتضاره فهو ليس نوع من الأسرار لأن لا أحد يعرف صحة من بطلان ما قاله فلكى يعرف الطبيب صحة ما قاله لابد أن يتثبت من المعلومة بنفسه أو عن طريق القضاء وساعتها إن كانت المعلومة تتعلق بحق أحد فلابد من إبلاغ القضاء بها
وتحدث عن حالات كشف السر المباحة فقال :
"ثالثا: استثناءات تبيح كشف السر (متى يباح إفشاء السر):
تقدم معنا أن العلماء وجهوا إخبار بلال باسم امرأة عبدالله بن مسعود بأن ذلك كان جوابا لسؤال النبي (ص) الذي إجابته أوجب من الكتمان.
وهذا يمهد لبيان أن واجب الستر فيما تقدم قد يترك لما هو أوجب منه، وذلك (لأن الشريعة الإسلامية جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها، وأنها ترجح خير الخيرين، وتحصل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، وتدفع أعظم المفسدتين باحتمال أدناهما). فالله تعالى نهى عن سب آلهة المشركين ، وإن كان ذلك حقا واجبا، لأنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين .
قال تعالى:{ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم}
قال ابن القيم -751هـ- : النبي (ص) شرع لأمته إيجاب المنكر ليحصل بإنكاره من المعروف ما يحبه الله ورسوله، فإذا كان إنكار المنكر يستلزم ما هو أنكر منه وابغض إلى الله ورسوله فإنه لا يسوغ إنكاره، وإن كان الله يبغضه ويمقت أهله
وقد جاء الشرع بالعناية بالمصالح العامة وتقديمها على المصالح الخاصة، كما اهتم برفع المفاسد العامة وإن تضمن ذلك مفسدة خاصة.
فالعناية بالأغلب والأعم هو المقدم.
كما أن حق الإنسان في حفظ سره يجب أن لا يتضمن ضررا على فرد آخر، فإن حفظ حق أحدهما ليس أولى من حفظ حق الآخر.
وكل هذا فرع عن تطبيق قاعدة المصالح والمفاسد.
والتطبيق العملي لهذه القاعدة في مسألة سر المريض أن تنصب العناية بمقاصد الشريعة من حفظ المال والنفس والعقل والنسل والدين ولو انخرمت مصلحة المريض بإفشاء سره.
فيفشى سره إذا تضمن درء مفسدة عامة، أو جلب مصلحة عامة.
ويقع الترجيح بحسب الاجتهاد المصلحي في مسألة درء المفسدة عن الفرد.
قال العز بن عبدالسلام -660هـ- : الستر على الناس شيمة الأولياء، ويجوز إفشاء السر إذا تضمن مصلحة أو دفع ضرر، وقد كشف يوسف عليه السلام سر المرأة التي راودته فقال: {هي راودتني عن نفسي} ليدفع عن نفسه ما قد يتعرض له من قتل أو عقوبة.
ولدينا شاهد مختص بموضوعنا ينطق بما نريده.
عن جابر قال: قال رسول الله (ص): (المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس:سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق).
فالمعنى أن ما يدور في المجالس أمانة يجب حفظها وعدم إفشائها إلا إن أدت إلى سفك دم أو استحلال فرج أو مال بغير حق فتنتفي الأمانة هنا ولا يجب حفظ السر.
وفي حديث معاذ شاهد لإفشاء ما أمر بكتمانه لأجل المصلحة فقد روى أن النبي (ص) قال: حق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئا فقال: أفلا أبشر الناس، قال: لا تبشرهم فيتكلوا. وأخبر بذلك في آخر حياته خوفا من كتم العلم ووصولا لمصلحة نشره.
ولعل من أوضح أمثلة هذا الباب ما طبقه علماء الحديث من الكشف عن أحوال الرواة من أحوال تبين فسق الراوي أو قلة دينه أو ضعف حفظه، وهذا لدفع مفسدة نسبة حديث للنبي (ص) لم يقله.
فبناء على ما تقدم فإنه يباح إفشاء السر فيما يلي:
إذا أذن صاحب السر – وكان الحق يختص به – وقد تقدم بيانه.
إذا كان عدم الإفشاء يتضمن ضررا يلحق المجتمع، أو يضر بفرد منه ضررا أكبر من ضرر صاحب السر.
وطريق تقدير المفسدة والضرر هو الظن والاجتهاد، لأنه لا يمكن تحديد مقدارها بدقة.
قال العز بن عبدالسلام: أكثر المصالح والمفاسد لا وقوف على مقاديرها وتحديدها، وإنما تعرف تقريبا لعزة الوقوف على تحديدها.
وبناء على ما تقدم تتضح لنا الأمثلة الآتية:
أ – …إذا كان أحد الزوجين مصابا بمرض جنسي معد(ينتقل بالمباشرة) فإنه يجب إبلاغ الطرف الآخر.
ب – …إذا كان المريض غير لائق بعمل معين كالمصاب بالاضطرابات العصبية أو ضعف الرؤية الشديد فلا بد من إبلاغ جهة عمله – فيما لو كان سائقا مثلا.
ج – …إذا علم بوشوك حدوث جريمة فتبلغ الجهة المختصة.
د – …إذا علم بوجود مرض معد سار.
هـ …عند الكشف الطبي قبل الزواج، إذا تبين عدم توافق أحد الزوجين مع الآخر فلا بد من إبلاغه.
و – …إذا اعتقد أن وفاة قد حصلت نتيجة جريمة.
ز - …إذا دعى للشهادة في المحكمة لقوله تعالى:{ ومن يكتمها فإنه آثم قلبه}
ح - …إذا علم بإصابة الزوج بمرض غير معد، ولا تعلم به الزوجة مثلا فإنه لا يجوز له إخبارها لعدم الموجب.
ط - …إذا حملت زوجة شخص تبين بالفحص أنه عقيم فلا يلزمه سوى اخبار الزوج بالعقم وأنه في الحالات المعتادة لا يتأتى الإنجاب لمثله.
وهذا وإن تضمن نوع ضرر بالزوجة، لكن لابد من إطلاع الزوج على حالته الصحية، دون أن يتضمن اتهاما بالزنا، أو تشكيكا في نسب الولد.
وهنا لابد من التنبه إلى استعمال أحسن الألفاظ في التعبير ولنا في رسول الله (ص) أسوة حسنة إذ لم يكن فاحشا ولا متفحشا ، فيتلفظ أو يكتب الطبيب العبارة المؤدية للغرض.
فكلمة غير لائق تكفي في الإخبار عن حالة المتقدم لعمل مثلا دون ذكر تفاصيل المرض، وكذلك أن المريض مصاب بمرض ينتقل بالاتصال الجنسي يكفي عن تسمية المرض، وعدم التوافق بين الزوجين كذلك يؤدي الغرض دون الحاجة لذكر اسم الداء.
وقد بدأت المستشفيات بذكر التصنيف العالمي لأي مرض عوضا عن ذكر اسمه وهذا واحد من أمثلة ما أقصده.
ولما تناول العلماء جواز بيان حال الرواة ومن أخطأ في فهم معاني الكتاب والسنة وجواز الرد عليهم استثنوا من ذلك إذا كان يفحش في الكلام ويسيء الأدب في العبادة فينكر عليه إفحاشه وإساءته دون أصل رده.
وضابط ما سبق أن الضرورة تقدر بقدرها. وكذلك تقدر بقدرها في الذي يخبر بسر المريض فلا يخبر إلا من لا يتم المطلوب بإخباره فقط."
كما سبق القول أن حالات الإباحة والحرمة تتوقف على الحفاظ على حقوق الخلق وقد تناول الجبير أمورا هى :
"هـ …عند الكشف الطبي قبل الزواج، إذا تبين عدم توافق أحد الزوجين مع الآخر فلا بد من إبلاغه."
الجبير يحرم هنا ما أحل الله من الزواج المحلل فلا يوجد ما يسمى عدم توافق الزوجين طبيا وإنما الموجود تحريم الزواج لمنع إصابة أحد الزوجين بمرض معد غير معروف علاجه كمرض نقص المناعة المكتسب المعروف اختصار بالإيدز
وقال :
"ح - …إذا علم بإصابة الزوج بمرض غير معد، ولا تعلم به الزوجة مثلا فإنه لا يجوز له إخبارها لعدم الموجب."
يجب إخبار الزوجة والأولاد بمرض الزوج أيا كان معد أو غير معد لأنهم من يقلقون على صحته قبل أى أحد وهم فى الغالب من يناولونه العلاج
وقال:
"ط - …إذا حملت زوجة شخص تبين بالفحص أنه عقيم فلا يلزمه سوى اخبار الزوج بالعقم وأنه في الحالات المعتادة لا يتأتى الإنجاب لمثله"
الطبيب لا يمكن أن يقرر أن الشخص مصاب بالعقم قبل الحمل والإنجاب وإنما هو يقرر فقط عقمه فى لحظات الكشف
وتحدث عن الفئات المنوط بها حفظ السرية فقال :
"رابعا: الفئات المنوط بها حفظ السرية:
إن من مزايا الشريعة الإسلامية أنها دين يطالب الإنسان فيه مع التزام الاحكام امتثال الأوامر فليست قانونا أو تشريعا يجرم حدودا معينة ويدع ما سواها بل هو منهج حياة متكامل، لم يدع جانبا من جوانب الحياة الإنسانية إلا كان له فيه موقف ففي الوقت الذي تحتاج القوانين الى تحديد ماهية السر الطبي والمنوط به نجد الشرع يأمر بحفظ السر وينهى عن إفشائه سواء كان من اطلع عليه طبيب ، أو صيدلي، أو موظفا بالسجلات الطبية أو من أفراد الهيئة التمريضية أو الأغذية أو المختبرات والأشعة أو كان فردا من غيرهم ويرتب المسئولية على إفشاء السر على أي واحد منهم.
إذ حفظ السر من الأمانة الواجب حفظها والإخلال بها من علامات النفاق.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): (آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا اوتمن خان). وقد تقدم هذا.
ومع ذلك فإن العاملين في المجال الصحي يتوجب نحوهم من المؤاخذة أكثر من غيرهم، إذ أصل عملهم هو تخفيف معاناة المريض، والسعي لراحته، وأي عمل يخالف هذا المقصد يضاعف المؤاخذة، إذ من قواعد الشرع أن من عظمت النعمة عليه زادت المؤاخذة كذلك عليه."
وبالقطع هناك حالات أخرى يجب إبلاغ الأهل بها لأن علاجها يتوقف على مساعدتهم كالمدمنين على الخمر
وتحدث عن مشاكل تحتاج لحلول فقال مبينا إياها:
"خامسا: مشاكل تحتاج حلولا:
ومن هذه المشاكل مشكلة الحمل السفاحي – غير الشرعي – ومشكلة استغلال الأطفال جنسيا فهل إفشاء هذه يعتبر من إفشاء السر؟
ولبيان الحكم فإني أقدم بمقدمات..
عن ابن عمر أن رسول الله (ص) قال: (من ستر مسلما سرته الله يوم القيامة).
وعن عائشة قالت: كان النبي (ص) إذا بلغه عن الرجل الشيء لم يقل ما بال فلان يقول، ولكن كان يقول: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا.
وهذا سواء فيه الحدود وغيرها، فللمسلم أن يشهد عليها إن رآها، ولكن سترها أولى به وافضل إن كانت حقا لله فقط كشرب الخمر مثلا، أو الزنا الحاصل بالتراضي مع امرأة غير متزوجة.
أما لو كان في الحد حق لآدمي مالي أو غيره كمن شاهد من يأخذ مال غيره فعليه إعلامه والشهادة معه إن طلب.
المعروف بالفجور والمعتاد عليه الأولى الإبلاغ عنه.
قال القرطبي: من اشتهر بالمعاصي ولم يبال بفعلها ولم ينته عما نهى عنه فواجب رفعه للإمام وتنكيله، وإشهاده للأنام ليرتدع بذلك أمثاله.
تحريم القذف بغير بينة:
فلا يجوز للإنسان أن ينسب غيره إلى الزنا ونحوه إلا وقد شهد عليه أربعة، وإلا فإنه قاذف له مستحق للعقاب.
قال تعالى:{والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم}
ولكن له أن يخبر بما رآه أو دلت عليه قرائن الكشف أو الحال دون ذكر فعل الفاحشة فمثلا تمزق البكارة والإصابات الشرجية وإصابات عضلات الآلية ونحوها أو الخلوة الممنوعة يمكن تناولها ولا تعد قذفا لاحتمال حصولها بغير ممارسة جنسية في ضوء السرية التي تناولناهما سابقا.
وبناء على ما سبق إذا وقف الطبيب على حصول حمل غير شرعي فإن توصيفه للحالة بأنها حمل لا كشف فيه للسرية لأنها من جنس الإخبار بالمرض ونحوه ولكن يختص هذا بالحامل دون غيرها.
وإذا كانت متزوجة وأخبرته بأن حملها من سفاح أو توصل إلى ذلك فإنه لا يجوز له الإبلاغ عن ذلك لكونه قذفا إلا إذا طلب منه ذلك لكشف دعوى قضائية.
وإذا اطلع على أن طفلا قد استغل فإن عليه إبلاغ وليه بحالته الإصابية لأن سر المريض غير كامل الأهلية يتولاه وليه.
وفي جميع ما تقدم يجب على الطبيب كغيره مناصحة من علم منه المنكر وتوجيهه وتذكيره بالله فهذا واجب شرعي سواء ابلغ بعد ذلك أو لا.
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم"
الحالات المذكورة لا تحتاج هنا لا تحتاج إلى حلول لأنها حلولها موجودة فى الشرع :
1 الحمل السفاحى لا يمكن للمريض إثباته إلا فى حالة واحدة وهى :
حمل المرأة غير المتزوجة إذا كانت عذراء أو بعد مرور تسعة أشهر من الطلاق أو الترمل
وأما اعتراف الحامل المتزوجة بأن حملها من سفاح لكى يجهضه الطبيب فممنوع على الطبيب الاجهاض وعلى المرأة التى ترغب فى التخلص منه اللجوء للقضاء والاعتراف على نفسها ولكى يكون الكلام صحيحا فلابد من وجود أربعة شهود على كلام المرأة ومع هذا لا يثبت الزنى ولا حمل السفاح إلا باعتراف الرجل الزانى بها فإن لم يعترف فلا سفاح ولا وجود لما يسمى الدى إن ايه فهو لا يثبت نسبا عند الله
2 الزنى بالأطفال فأى طبيب إذا علم أن هناك من يغتصب الطفل أو يخدعه لعمل الفاحشة به فعليه أن يبلغ القضاء وليس أهله وذلك ليتخذ الإجراء المناسب لضبط هذا المغتصب لأن المغتصب قد يكون واحد من الأهل أنفسهم

أضف رد جديد

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 7 زوار