صفحة 1 من 1

زرقاؤنا

مرسل: السبت يوليو 26, 2008 4:38
بواسطة مدير المنتدى
شوارع مكتظة. حَوارٍ متهالكة. بيوت تضيق على سكانها. حياة تغص بؤسا وفقرا وانسدادا.

المدينة متعبة. لا شيء فيها يتماهى مع ما كانته ذات يوم قريب. لا سيل ولا بساتين ولا رحلات إلى برك السخنة التي جفت. السيل صار مكبا لنفايات مصانع استباحت أرض المدينة وهواءها. والبساتين التي أعطت التوت شهيا لكل من مر بها قبل عقود قصيرة استحالت أرضا يبابا تلفح وجوه العابرين بجوارها بهواء ناشف ملوث مثقل بالغبار.

لم يبق من الزرقاء التي رسمت بسمة النسور ملامح طيبها في مقالتها الأربعاء إلا ذكريات نسترجعها حنينا إلى طفولة نتخيلها جميلة أو هروبا من برودة منتصف عمر أو أكثر نمقته كئيبا.

فحتى الحارة التي بدت بحجم الدنيا وقت كانت حدود عالمنا استحالت زقاقا هرما جامدا بلا بسام يقود عصابة أطفالها ولا بائع شعر البنات يرقص قبل أن يطرده طفل يرى إلى غنائه المترجي تسويق بضاعته اعتداءً على حرمة المكان وشرف ساكناته. بيوت الطين التي اتسعت لأطفال الحي كلهم بأبوابها المفتوحة ودفء زعترها استبدلت بشقق إسمنتية أوصدت أبوابها لتصد ألفة الحارة.

الزرقاء اليوم أنموذج لأسوأ ما يمكن أن ينتجه سوء التخطيط وغياب الرؤى وغفلة الحكومات عن احتياجات الناس وطموحاتهم. وليس سرا أن الزرقاء لم تحظ يوما بالاهتمام الذي تستحقه مصنعا للكفاءات. تعدديتها ومكانتها بوتقة انصهر فيها كل الأردنيين الذين نزلوها عسكرا وعمالا وطلبة أضعفتاها في توازنات السياسة بدلا من أن تعززاها. كبرت المدينة من دون رعاية فكان ثمار النمو فوضى وتلوثا بيئيا وتراجعا اقتصاديا ومحاصرة لروح المكان.

ورغم الوعود المواسمية التي قطعتها غير حكومة لأهل المدينة ظلت الزرقاء محرومة من عوائد التنمية. لا أحد يلتفت إليها وهي تتقهقر أمام انهيار بنيتها البيئية والاقتصادية والاجتماعية. وها هي الزرقاء اليوم غريبة عن ماضيها تولد الإحباط لا الأمل, سيلها ملوث وهواؤها ملوث ومدارسها منهارة واقتصادها طارد لشباب لا يجدون فرص عمل ولا يجرؤون على الحلم بمستقبل في مدينتهم.

أما الوعود الحكومية فهي ما تزال قرارات برسم التنفيذ. لا خطة إنقاذ البيئة نفذت ولا مشاريع الاعمار وتنشيط الاقتصاد تبلورت. المصانع ما تزال تلوث السيل والهواء من دون رقيب والمرافق العامة لا تشهد تجديدا أو تطويرا والأفاق أمام أهلها تضيق.

وعلى عكس ما ظن قارئ علق على مقالة بسمة, زرقاء البساتين والبرك والتوت ليست صورة في ذاكرة الجدات. هي الحال قبل عقود صغيرة. هي طفولتنا نحن الذين نرفض أن نرى إلى الزرقاء إلا بعيون المنحاز المتمسك بصورة المكان الأول جميلة نقية عصية على التغير حتى أمام الواقع الذي أنهكها. هي الصورة التي غادر عبدالله حسنات الدنيا وهو بها يتغنى وهي الذاكرة التي يفيء إليها أمجد ناصر من وحدة لندن. هي بدايات بسمة وجورج حواتمة وثابت الور وطاهر حكمت وغيرهم عشرات ممن تجمعهم زرقاويتهم ولاءً لا يخبو.

عرف العالم الزرقاء حين طل أبو مصعب الزرقاوي بإرهابه يقتل ويدمر. وذلك تجنٍّ لا تستحقه المدينة. فالزرقاء تستحق أن تميز مدينة فيها من كل ما هو جميل في الأردن شيء. فيها التعددية وفيها التسامح وفيها الكفاح وفيها العسكر وفيها الإصرار على الحياة نما وينمو إنجازا يخترق القلة والضيق.

زرقاؤنا هي زرقاء الحواري الطيبة منفتحة ثقافتها على أي آخر ومفتوحة أبوابها إلى عوز كان كل أبنائها، رغمَه، شركاءَ في صحن الزيت والزعتر وفي الرنو إلى حياة أفضل.

أيمن الصفدي

Re: زرقاؤنا

مرسل: الثلاثاء يناير 13, 2009 10:07
بواسطة اردني متغرب
موضوع جدا رائع بس صراحة حي القادسية افضل حي لاني كنت من سكانو قبل ان ارحل الى الضفة
أزهر الحريبات الخليل :jordan_flag: :eusa_naughty:

Re: زرقاؤنا

مرسل: الجمعة مايو 01, 2009 2:30
بواسطة خالد الكركي
ما يجمعنا الان في الزرقاء هو ذاك الذي لا نعلمة
وسنستمر لانها البداية والنهاية
ويقتلنى الرحيل

Re: زرقاؤنا

مرسل: الثلاثاء يونيو 02, 2009 11:36
بواسطة DARK EVIL
تسسلم يا حبيبي

Re: زرقاؤنا

مرسل: الاثنين أغسطس 30, 2010 11:42
بواسطة ليمار
الزرقاء الان هي مدينة الثقافة الاردنية
و انا احب مدينة الزرقاء