الديماغوجيا العربية/تيسير الغول

آخر الأخبار والمستجدات
أضف رد جديد
تيسير الغول
عضو مشارك
عضو مشارك
مشاركات: 27
اشترك في: الجمعة نوفمبر 13, 2009 1:56

الديماغوجيا العربية/تيسير الغول

مشاركة بواسطة تيسير الغول » الأحد يناير 17, 2010 2:46

الدِيمَاغُوجِيَا العربيّة

من أجل أن لا أوقع القارئ الكريم في حيرة المعاني والالتباس، ومن أجل أن أُفيده من الشعر بيتاً ليتضح أمامه المبهوم ويظهر قدّامه المعلوم. أريد أن أوضح أولاً معنى كلمة الديماغوجيا: فهي كلمة يونانية الأصل ذات مقطعين دِيمَا معناها ": الشعب، وغوجيا وتعني القيادة. فهي استراتيجية للحصول على السلطة، والكسب للقوة السياسية من خلال مناشدة التحيزات الشعبية والخطابات الحماسية، مستخدمين المواضيع القوميّة والشعبية.
أما اليوم فيعرفه أهل السياسة على أنه مجموعة الأساليب والخطابات والمناورات والحيل السياسية التي يلجأ إليها السياسيون لإغراء الشعب أو الجماهير بوعود كاذبة أو خداعة، وذلك ظاهرياً من أجل مصلحة الشعب، وعملياً من أجل الوصول إلى الحكم. وقد اعتاد الكثير من السياسيين اللجوء لاستخدام أساليب السفسطة واللعب على مشاعر الشعوب ومخاوفها. وعليه فالديماغوجيا هي خداع الجماهير وتضليلها بالشعارات والوعود الكاذبة. والديماغوجية هي إحدى الأساليب الأساسية في سياسة الأحزاب الحاكمة، وهي موقف شخص أو جماعة يقوم على إطراء وتملق الطموحات والعواطف الشعبية؛ بهدف الحصول على تأييد الرأي العام استناداً على مصداقيته. والديماغوجي هو الشخص الذي يسعى لاجتذاب الناس إلى جانبه عن طريق الوعود الكاذبة، والتملق، وتشويه الحقائق، ويؤكد كلامه مستنداً إلى شتى فنون الكلام وضروبه، وكذلك الأحداث، ولكنه لا يلجأ إلى البرهان أو المنطق البرهاني؛ لأن من حق البرهان أن يبعث على التفكير وأن يوقظ الحذر، والكلام الديماغوجي مبسط ومتزندق، يعتمد على جهل سامعيه وسذاجتهم.
ومن خلال هذا التعريف الدقيق للديماغوجية فإننا نكتشف أن الحياة الاجتماعية والسياسية العربية مليئة ومتلبسة بهذا المذهب، متشبثة به غاية التشبث، إذ هو الطريق الوحيد الباقي لإقناع الشعوب بأطروحات حكامها وأنظمتها. ومن هنا فإننا ندرك بكل جلاء ووضوح مقدار وحجم انغراز الديماغوجيّة في حياتنا العربيّة، ابتداءً من حبة الدواء منتهية الصلاحية التي تعطى للمواطن، وانتهاءً بالمهرجانات الشعبيّة والاحتفالات القوميّة، والرقص على الأمجاد الغابرة، والانتصارات الفائتة، والمواقف المزيفة، التي لا طعم ولا لون ولا رائحة لمروجيها.
ولكن السؤال المهم الذي يحفّز القارئ بأن يستمر في قراءة هذا المقال، هو: هل ما زالت الشعوب تنطلي عليها مثل هذه الحيل وهذا التضليل؟ أم أن الامر ما عاد ينطلي على الناس، وأصبحت اللعبة مكشوفة أمام من لا يملكون إلا الصمت وغض الطرف أحياناً عن هذه الألاعيب.
وحتى نكون منصفين ، فإنه لا بد من القول كذلك أن الديماغوجيا استراتيجيّة عالمية يستخدمها كل السياسيين وخاصة وقت الأزمات الخانقة التي يتعرضون لها، أو الفضائح التي تعتريهم بشتى أنواعها، أو عند الانتخابات التي تعد بحد ذاتها كذباً وعهراً مكشوفاً للديماغوجيّة.
ومن أجل الإجابة على هذا السؤال الدقيق فإنه لا بد لنا من وضع أمثلة حيّة لا تقبل الشك على الديماغوجيا في عالمنا العربي الكبير، فنقول: أليست أطروحات السلام ومشاريع التسوية مع إسرائيل على مر أكثر من ستين عاماً نوعاً من الديماغوجيّة التي تخفي القدرة على مجابهة اليهود وإحراز النصر عليهم والخوف من مجابهتهم؟
أليس التحايل على الانتخابات، واتهامها بالشفافيّة، والتدخل بنتائجها، وخلق الحيل الشيطانيّة في التلاعب بها، والتهام الحزب الحاكم لمقدرات الأمة، أليس هذد تفشيا لظاهرة الديماغوجيا، وأحد الأساليب الأساسية في سياسة الأحزاب الحاكمة في أوطاننا العربية؟
ماذا يعني النظام الجمهوري في عالمنا العربي إذا كان يخضع لأُسلوب التوريث؟ ولماذا يختلف النظام الجمهوري العربي عن غيره وعمّا هو عليه في العالم أجمع؟
أسئلة كثيرة لا تحتاج إلى خبير سياسي ولا إلى مفاوض دولي للإجابة عليها. فهي كامنة في أفئدتنا وشعورنا اللاشعوري، وأحاسيسنا التي تطغى على جميع الحواس، تقول لنا في كل سكنة ولحظة وثانية وثالثة، وتنادي كل السياسيين المخضرمين أصحاب الأجندة المليئة بالحقائق المشوّهة، والسفسطائيّة المزيفة، تقول لهم: من الممكن أن تخدعوا بعض الناس بعض الوقت، ولكنكم لن تستطيعوا أبداً أن تخدعوا كل الناس كل الوقت.
أعلى الصفحة

صورة العضو الشخصية
بنت الأردن
صديق المنتدى
صديق المنتدى
مشاركات: 2320
اشترك في: الخميس أكتوبر 02, 2008 4:54
مكان: عمان

Re: الديماغوجيا العربية/تيسير الغول

مشاركة بواسطة بنت الأردن » الخميس يناير 21, 2010 7:13

إنها الديماغوجيا...
حديث ذو شجون؟ لكن هل سننتهي الى جواب أو حل ؟؟

أضف رد جديد

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 214 زائراً