نقد كتاب ثورة في السنة النبوية

الدين والشريعة

المشرف: manoosh

أضف رد جديد
رضا البطاوى
صديق المنتدى
صديق المنتدى
مشاركات: 2997
اشترك في: السبت يوليو 25, 2015 2:08

نقد كتاب ثورة في السنة النبوية

مشاركة بواسطة رضا البطاوى » الثلاثاء مايو 24, 2022 7:14

نقد كتاب ثورة في السنة النبوية
المؤلف غازي بن عبد الرحمن القصيبي وفى مقدمته تحدث عن سبب اطلاقه كلمة ثورة على ما جاءت به بعض الأحاديث المنسوبة للنبى(ص) فقال:
"تمهيد
ربما تصور البعض أنه من قبيل المجازفة أن يسمي كاتب سبع مقالات قصيرة هذا الاسم المثير إلا أنني لا أعتقد أن هناك مجازفة " الثورة " هي التغيير الشامل الكامل لوضع قائم ما وألأحاديث الشريفة التي سأتحدث عنها مثلت " ثورة " حقيقية على أوضاع جاهلية متخلفة في عدد من الميادين الرئيسية – و لعلي أذهب أبعد من ذلك فأقول أنها لا تزال تمثل " ثورة " حقيقية على الممارسات البالية في هذه الميادين في عدد من الدول الإسلامية بل في معظمها
و هذه الجولة القصيرة في كنوز السنة النبوية ليست سوى دعوة أقدمها إلى باحثين آخرين ليقوموا بجولات أعمق وأوسع تنتهي كلها إلى الهدف المرجو وهوأن يقتنع المسلمون الراغبون في الإصلاح بقلوبهم لا بألسنتهم أن في دينهم ما يغنيهم عن استيراد الإصلاح من الخارج لوأنتهت الانتقائية الانتهازية التي يمارس بها الدين في عالم المسلمين"
وبالطبع كلمة الثورة ليست موجودة في القرآن واطلاقها على الغضب هوألمعروف وهى غضبة للأسف تكون على أوضاع خاطئة بجلب أوضاع خاطئة فالقليل من تلك الثورات لم تمثل سوى كوارث فالناتج من الثورات العالمية كان هوألتحول من نظام نخبوى إلى نظام نخبوى أخر بمعنى تغيير السادة في النظام القديم اسادة مختلفين في النظام الجديد
فالثورة ليست تغيير للأحسن كما ظن القصيبى وقد تحدث عن أن الأحاديث السبعة وردت في الكتب المعتمدة وهى صحيحة فقال :
"ملحوظة
جميع الأحاديث الواردة في هذا الكتيب من الأحاديث المجمع على صحتها حسب القواعد التي وضعها علماء الحديث الموجودة في مظانها المعروفة
وألمرجع المشار إليه هوألكتاب النفيس الرائع المسمى جامع الأصول في أحاديث الرسول للإمام أبي السعادات مبارك بن محمد بن الأثير الجزري أشرف على طبعه الشيخ عبد المجيد سليم و حققه محمد الفقي (الطبعة الأولى 1370 هـ - 1950 م) وألكتاب من نشر رئاسة إدارة البحوث العلمية وألإفتاء وألدعوة وألإرشاد بالمملكة العربية السعودية"
استهل القصيبى مقاله الأول بحديث الهدية لأصحاب المناصب فقال :
"نزاهة الحياة السياسية
النص
استعمل النبي (ص)رجلا من الأزد – يقال له ابن اللتيبة – على الصدقة فلما قدم قال: هذا لكم و هذا أهدي إلي قال: فقام النبي (ص)فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني استعمل الرجل منكم على العمل مما ولاني الله فيأتي فيقول: هذا لكم وهذا هدية أهديت إلي أفلا جلس في بيت أبيه وأمه حتى تأتيه هديته إن كان صادقا ؟ وألله لا يأخذ أحد منكم شيئا بغير حقه إلا لقي الله يحمله يوم القيامة فلا أعرفن أحدا منكم لقي الله يحمل بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر ثم رفع يديه حتى رئي بياض إبطيه يقول: " اللهم هل بلغت؟ "
التعليق
في بلاد المسلمين معظمها أو كلها تتضافر عوامل عديدة لتجعل الفساد ظاهرة مستشرية تنخر المجتمع من أساسه يمكن أن نشير إلى بعض هذه العوامل على سبيل المثال العابر لا الحصر فنلحظ استئثار الأقلية بالموارد على حساب الأغلبية وانعدام المؤسسات التي تسهر على حماية المال العام و ضعف الوازع الخلقي هذه العوامل و غيرها من سلبيات ترجع في نهاية المطاف إلى سبب جوهري هو غياب الحرية سواء سميناها شورى ملزمة أو ديموقراطية أو تعددية و هذا حديث آخر طويل و يطول!
وانتشار الفساد بين المسلمين أدى إلى ظهور فكرة خبيثة في الغرب تذهب إلى وجود ارتباط من نوع ما بين الإسلام دينا و شريعة و بين الفساد ظاهرة مجتمعية و يكفي في مجالنا هذا للتدليل على شيوع الفكرة أن كلمة " بخشيش " أصبحت مرادفة في المنظور الغربي للفساد بمختلف أنواعه وأشكاله و لا يعنيني هنا أن تكون الكلمة ذات أصل عربي أو تركي أو فارسي بقدر ما يعنيني أنها تعتبر في الغرب كلمة إسلامية
عن أبي حميد الساعدي أخرجه البخاري و مسلم وأبو داوود جامع الأصول الجزء الخامس ص 355 - 356
لا يجادل أحد في فساد عدد كبير أو صغير من المسلمين السؤال هو: هل لهذا الفساد علاقة بالدين الذي ينتمون إليه أم أن هذا الفساد يشكل خروجا سافرا على هذا الدين؟ الحديث النبوي الذي أوردناه يكفي للقطع بأن الإسلام حارب الفساد والمفسدين و هددهم بعذاب يوم القيامة تنخلع لهوله القلوب
و متى تحدث النبي (ص)عن مصير الفاسدين المرعب؟ تحدث في عهد كان المسلمون فيه حديثي عهد بجاهلية شعارها " وألدنيا لمن غلبا " تحدث في مجتمع صغير ناشئ لا يعرف شيئا عن قواعد الخدمة المدنية و تحدث إلى قوم كان الجوع هو وضعهم المعتاد
أتمنى لو وضعت كل دولة إسلامية هذا الحديث في الصفحة الأولى من نظام الموظفين ولو درسته في كلية من كليات الإدارة ولو علق في لوحة على كل مكتب حكومي
و بعد: صور النبي (ص)عذاب من يجيء يوم القيامة يحمل بعيرا تلقاه رشوة فماذا سيكون حالنا نحن موظفي اليوم إذا جاء الواحد منا يوم القيامة يحمل عمارة من عشرين دورا أو أسطولا من السيارات الفخمة؟ والويل كل الويل لمن جاء يوم القيامة يحمل وطنا كاملا سرقه بدبابة ذات ليلة ليلاء!"
الحديث الذى استشهد القصيبى به باطل والخطأ فيه هو مجىء الإنسان حاملا البعير أو البقرة أو غيرهما فى يوم القيامة ويخالف هذا أن الإنسان يأتى يوم القيامة وحيدا أى فردا ليس معه شىء وفى هذا قال تعالى "وكلهم آتيه يوم القيامة فردا "كما أن الإنسان يترك ما كان قد خوله أى أعطاه إياه فى الدنيا وفى هذا قال تعالى "ولقد جئتمونا فراداى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم "
وفى الحديث خبل أخر وهو أن النبى(ص) استعمل رجل واحد على الصدقة وهو ما يتنافى مع وجود جهاز كامل اسنه العاملين على الصدقات كما قال تعالى :
" إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها"
فهناك من يستقصى عن أموال الناس ليعرف الغنى من الفقير من المسكين ...وهناك من يجمع الصدقات من الأغنياء وهناك من يوزعها عليهم وهذا ليس عمل قاصر على رجل واحد لأن هناك زكاة موسمية كزكاة النبات وهناك زكاة سنوية
ويغنى عن هذا الحديث الذى لم يقله النبى(ص) قوله تعالى :
" ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل"
وكلام الله شامل لكل لأنواع الحرام سواء تعلق بمنصب أو غير منصب بينما الحديث الباطل متعلق بصالحب المنصب والاهداء إليه
ولاشك أن الكلام عن استغلال الوظيفة في مجتمعاتنا هو كلام صحيح ولكن قبل الحديث عنه ينبغى الحديث عن العدالة في المجتمع فلا يصح في مجتمع نفطى أن يوزع المال على الأسرة الحاكمة معظمه وأما الشعب فلا ينال إلا الفتات في صورة هبات ومنح وكأن المال مال الحكام وليس مال الله وكذلك في مجتمع متعدد المصادر لا يصح أن تكون هناك مرتبات مختلفة في القلة والكثرة وهناك فئات لها حوافز وبدلات ووظائف أخرى ليس لها
وتحدث القصيبى عن مشاركة المرأة في الجهاد فقال :
"دور المرأة في المجتمع (والعسكرية!)
النص
كان رسول الله (ص)إذا ذهب إلى قباء يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه وكانت تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله (ص)يوما فأطعمته ثم جعلت تفلي رأسه فنام رسول الله (ص) ثم استيقظ وهو يضحك قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة – أو قال مثل الملوك على الأسرة - شك إسحاق هو ابن عبد الله بن أبي طلحة – قالت: فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها رسول الله (ص) ثم وضع رأسه فنام ثم استيقظ وهو يضحك قالت: فقلت: ما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله – كما قال في الأولى – قالت: فقلت: يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال: أنت من الأولين فركبت أم حرام بنت ملحان البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت "
الحديث لا يمكن أن يقوله نبى الله (ص) ولا أن يفعل ما فيه للتالى :
الخطأ الأول العلم بالغيب ممثل في ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة وهو ما يناقض عدك علم النبى(ص) بالغيب هو وغيره حتى أنه كما قص الله لم يكن يعلم ما يحدث له ولا لغيره كما قال تعالى :
" وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم"
وقال الله في علمه وحده بالغيب:
"قل لا يعلم من فى السموات والأرض الغيب إلا الله"
واختلاء النبى(ص) بالمرأة ونومه على حجرها يناقض حديث الاختلاء وهو يتعارض مع عدم دخول الرجال على نساء أى بيت إلا بإذن الرجال كما قال تعالى :
" فإن لم تجدوا فيها أحدا فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم"
وقد علق القصيبى على الحديث مطالبا بدخول المرأة جيش الإسلام فقال:
"التعليق
الخلاف الحقيقي بين المسلمين فقهاء وعامة حول المرأة ليس بين الذين يعتقدون أن زي المرأة المسلمة يسمح بظهور الوجه والكفين من جهة وبين الذين يرون أن هذا الزي لا يسمح بظهور شيء من جهة أخرى لو كان الخلاف يقتصر على هذه الجزئية لهان الأمر سواء أخذنا بهذا الرأي أو ذاك خاصة وأن الكتب الفقهية مليئة بما يساند أحد الموقفين مع أغلبية واضحة لصالح الرأي الأول
الخلاف الأساسي المسكوت عن طبيعته هو بين الذين يعتقدون أن النساء شقائق الرجال لهن حقوق و عليهن واجبات شأنهن شأن الرجال وأن القوامة تكليف للرجل و ليس حطا من قدر المرأة من جانب و بين الذين يرون أن النساء مخلوقات دون الرجال ليس لهن من دور سوى الإنجاب و لا يجب أن يتحركن من دار الأب أو الزوج إلا إلى القبر " ودفن البنات من المكرمات! " و في تراثنا بيت شائع كثيرا ما يستشهد به المستشهدون يذهب إلى أنه ليس للمرأة من حق سوى أن تجعل الرجل " ينام على جنابة "!!...
والجدال بين الفريقين بخلاف ما يتصوره الكثيرون ليس جدالا فقهيا بقدر ما هو نزاع نفسي / سياسي / اجتماعي / حضاري بين رجال يرون في الاعتراف بحقوق المرأة إثراء لرجولتهم ورجال يرون في هذا الاعتراف إلغاءا لفحولتهم ومثل هذا الخلاف لا ينتهي ولا يمكن أن ينتهي بمحاورات أو مناظرات
النص الذي أوردته يبين بوضوح ما بعده وضوح كيف نظر إمام الهدى (ص) إلى دور المرأة في المجتمع (والعسكرية!) فرأى أنه يشمل الغزو في البحر مع الرجال وأنا به (ص) من المقتدين ولو رغمت أنوف!"
قطعا ما قاله القصيبى هو خطأ فلا ذكر للمجاهدات في كتاب الله وإنما ذكر الله المجاهدين في كلا آيات الجهاد ومنها الآية الأساسية في الجهاد:
" فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة"
وحتى الآية التى جمعت بين المسلمين والمسلمات بالأعمال المختلفة لم تذكر الجهاد وهى :
"إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما"
قتال النساء للكفار يكون في حالة الاضطرار كالنقص العددى أو كالهجوم عليهن في حالة وجود الرجال ومن ثم يحرم انخراطهن في الجيش المسلم وتلك المقولة موجودة في جمهورية أفلاطون وهى مقولة لعن الله من قالها لأن الجيش عند أفلاطون رجال ونساء والزنى فيه مباح والأطفال الناتجين منه هم أطفال الدولة
وتحدث عن أن قواعد الإثبات تضمن الحقوق فقال :
"قواعد الإثبات ضمانة الحقوق
النص
عن أبي هريرة " أن سعد بن عبادة قال له رسول الله (ص)أرأيت لو أني وجدت مع امرأتي رجلا : أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال رسول الله: نعم " أخرجه مسلم والموطأ
و في رواية مسلم وأبي داوود قال: " أرأيت الرجل يجد مع امرأته رجلا : أيقتله؟ قال رسول الله: لا قال مسعد: بلى والذي أكرمك بالحق فقال رسول الله (ص)اسمعوا إلى ما يقول سيدكم "
معنى الحديث صحيح وقد علق القصيبى قائلا:
"التعليق
هذا الإصرار الرائع على أن الإنسان بريء حتى تثبت إدانته وأن الإدانة لا تثبت إلا بإجراءات محددة ومعروفة سلفا لم يردنا من التراث القانوني الروماني ولم تنتجه أوروبا خلال فترة النهضة ولم يقدم مع الأفكار الليبرالية التي غزت العالم خلال القرنين الأخيرين ولم يكن نتيجة من نتائج التحليل الماركسي المادي للتاريخ هذا الإصرار على (البراءة حتى يثبت عكسها) جاء على لسان النبي (ص) قبل أكثر من أربعة عشر قرنا و في بيئة قبلية جاهلية لم تسمع مجرد سماع بقواعد الأدلة والإثبات فيما يتعلق بزنى المرأة على أية حال في تلك البيئة كان قتل المرأة التي تحوم حولها الشبهات أمرا مقبولا بل ربما كان مطلوبا لحماية الشرف الرفيع من الأذى
ونبي الإسلام(ص) لم يسبق بهذا التوجيه الرائد معاصريه ومن جاء قبلهم فحسب بل أنه يسبق محاكم العصر في الشرق والغرب هذه المحاكم لا تزال تعامل " جرائم الشرف " معاملة خاصة تنتهي بالحكم على الزوج المدان حكما مخففا وأذكر أن صديقا أمريكيا محاميا قال لي مرة" أعطني رجلا قتل زوجته في قضية تتعلق بالعرض وسأضمن لك أن المحلفين في أي محكمة أمريكية سيحكمون ببراءته " وفي عدد كبير من دول العالم بينها دول إسلامية نص مقتبس من القانون الفرنسي يقضي بمعاملة الزوج المخدوع الذي يقتل زوجته بلطف منقطع النظير إلا أن رجال الفقه الإسلامي قد عنوا عناية بالغة دقيقة بالأصول والفروع لو يولوا قواعد المرافعات وقواعد الأدلة والإثبات بوجه خاص ما تستحقه من اهتمام وهذا سهو لم تسلم منه الكتابات الفقهية المعاصرة وكانت النتيجة أن الحقوق الأساسية التي ضمتها نصوص واضحة في القرآن الكريم والسنة المطهرة أهدرت عمليا عند التطبيق لا ينتفع المسلم من حق يستطيع أي رجل من رجال السلطة التنفيذية أو حتى السلطة القضائية من إهداره بمجرد أن يقرر أن المصلحة العامة اقتضت هذا الإهدار بدون قواعد مرافعات مستقرة وأوشك أن أقول شبه مقدسة لا توجد ضمانات أكيدة لأحد وبدون الضمانات يمكن أن تتطاير الحقوق الأساسية ولو وردت في ألف دستور ذرات في الفضاء"
وتحدث عن حرمة الحياة الشخصية فقال :
حرمة الحياة الشخصية
النص
عن أنس بن مالك " أن رجلا أطلع من بعض حجر النبي (ص) فقام إليه النبي (ص)بمشقص – أو بمشاقص – فكأني أنظر إليه يخيل الرجل ليطعنه " أخرجه البخاري و مسلم
وللبخاري " أن رجلا أطلع في بيت النبي (ص)فسدد إليه مشقصا " وأخرج أبو داود الرواية الأولى وفي رواية الترمذي " أن النبي (ص)كان في بيته فأطلع عليه رجل فأهوى إليه بمشقص فتأخر "
وفي رواية النسائي " أن أعرابيا أتى باب النبي (ص)فألقم عينه خصاصة الباب فبصر به النبي (ص)فتوخاه بحديدة – أو عود – ليفقأ عينه فلما أن بصر به انقمع فقال له النبي (ص)أما أنك لو ثبت لفقأت عينك "

وعن سهل بن سعد قال:" أطلع رجل في حجر باب النبي (ص) و مع رسول الله مدري يرجل به – و في رواية يحك به رأسه – فقال له (ص)" لو علمت أنك تنظر لطعنت به في عينيك إنما جعل الإذن من أجل البصر" " أخرجه البخاري و مسلم والنسائي وألترمذي
عن أبي هريرة قال إن رسول الله (ص)قال:" من أطلع في بيت قوم بغير إذنهم: فقد حل لهم أن يفقئوا عينه "
و في أخرى: أنه سمع رسول الله (ص)يقول:" نحن الآخرون السابقون و قال: لو اطلع في بيتك أحد لم تأذن له فحذفته بحصاة فقأت عينه: ما كان عليك من جناح " أخرجه البخاري و مسلم
و في رواية أبي داود " بغير إذنهم فقئوا عينه فق هدرت عينه "
و في رواية النسائي: " أن النبي (ص)قال: من أطلع في بيت قوم بغير إذنهم ففقئوا عينه: فلا دية عليه و لا قصاص "
و في أخرى له قال:" لو أن امرؤ أطلع عليك بغير إذن فحذفته ففقأت عينه ما كان عليك من حرج وقال مرة أخرى (جناح) "
التعليق
من الغريب المضحك / المبكي أننا معاشر المسلمين تركنا هذه الأحاديث الشريفة في متون الصحاح مكتفين بقراءتها ولم نقتبس منها التشريعات الكفيلة بحماية الحياة الشخصية للإنسان ومن الأغرب أن الغرب غير المسلم يحيط الحياة الشخصية بسياج منيع من القوانين في الغرب الذي لا نمل وصفه بكل نقيصة يعتب دخول الشرطي بيت المواطن (أو المقيم!) من دون إتباع للإجراءات الصعبة التي ينص عليها القانون تصرفا باطلا يفسد كل ما يتبعه من تصرفات ويؤدي في النهاية إلى الحكم بالبراءة حتى عندما يكون المتهم مذنبا وفي هذا الغرب نفسه يعتبر التنصت على المكالمات الهاتفية أو التلصص على المراسلات البريدية جريمة يعاقب عليها القانون ولا يجوز للدولة أن تلجأ على وسائل كهذه إلا عند الضرورة و بإذن محدد من جهة محددة
و في هذا الغرب ذاته يحق لكل إنسان أن يلجأ إلى القضاء لحماية حياته الشخصية من أي غزو تتعرض له كائنا ما كان نوع الغزو أو مصدره
أما في عالمنا الإسلامي من أدناه إلى أقصاه فيقتحم الناس من أعداء وأصدقاء منزل المرء من دون استئذان أو استئناس وهذا شأن الناس العاديين أما السلطة العامة فتتصرف في البيوت تصرف المال في ملكه تدخلها عندما تشاء وتبعث إليها حسب تقلبات المزاج بزوار الفجر أو زوار الظهيرة أو زوار المساء أما التنصت على المكالمات الهاتفية فلم يعد حكرا كما كان في الماضي على " الجهة المختصة "
بل أصبح متاحا ميسورا للهواة ويعج العالم الإسلامي بجماعات تحطم الأبواب و تدخل المنازل عنوة بحجة منع الرذيلة والدفاع عن الفضيلة من دون أن تجد من يعاتبها فضلا عمن يفقأ عيونها!
إن الصحوة لا تتحقق بحفظ النصوص وتلاوتها ومراعاة المظاهر الخارجية ولكنها تتعلق بتحويل النصوص إلى جزء حي نابض من حياة كل مسلم في كل مجتمع إسلامي كل يوم وكم أتمنى أن تضع كل حركة ترفع شعارات الإسلام ضمن برنامجها الأساسي تشريعات تصون حرمة الحياة الشخصية للمسلمين بدلا من التسابق المحموم للقضاء على البقية الباقية منها
يقول المثل الإنكليزي الشهير:" بيت الإنكليزى هو قلعته " وكان المسلمون أولى بمثل كهذا"
والأحاديث باطلة فالتجسس لا يتم عن طريق العين وحدها وإنما يتم عن طريق السمع وطريق البصر ومن ثم يكون العقاب إما بافقاد المتجسس الاثنين أو أحدهما وليس فقع العين وحدها
وتحدث عن الرفق بالحيوان فقال :
"جمعيات الرفق بالحيوان الإسلامية
النص
عن أبي هريرة أن رسول الله (ص)قال:" بينما رجل يمشي بطريق أشد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ مني فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له فقالوا يا رسول الله إن لنا في البهائم أجرا ؟ فقال: في كل كبد رطبة أجر "
و في رواية: " أن امرأة بغيا رأت كلبا في يوم حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له موقها فغفر لها "
و في أخرى:" بينما كلب يطيف بركية قد كاد يقتله العطش إذ رأته بغية من بغايا بني إسرائيل فنزعت موقها فاستقت له به فسقته إياه فغفر لها به " هذه رواية البخاري ومسلم
و للبخاري:" أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش فأخذ الرجل خفه فجعل يغرف له به حتى أرواه فشكر الله له فأدخله الجنة " وأخرج الموطأ وأبو داوود الرواية الأولى
عن عبد الله بن عمر أن رسول الله (ص)قال:" دخلت النار امرأة في هرة: ربطتها و لم تطعمها و لم تدعها تأكل من خشاش الأرض "
و في رواية: " عذبت امرأة في هرة: سجنتها حتى ماتت فدخلت النار لا هي أطعمتها و لا سقتها إذ هي حبستها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض " أخرجه البخاري و مسلم
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله (ص)يقول: " قرصت نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه: إن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح؟ "
و في رواية قال: " نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغته نملة فأمر بجهازه فأخرج من تحتها ثم أمر ببيتها فأحرق بالنار فأوحى الله عز وجل إليه: فهلا نملة واحدة؟ " أخرجه البخاري و مسلم وأبو داود وألنسائي وزاد النسائي في إحدى رواياته " فإنهن يسبحن "
التعليق
في الغرب الكافر يعثر على صقر جريح بعيد عن عشه فيتحول الصقر إلى نجم من نجوم المجتمع تذيع وسائل الإعلام أخباره و تنقل تطورات علته و تنهال عليه التبرعات من كل مكان و يضل حوت طريقه بين جبال الثلج فتعلن حالة الطوارئ ويقود رئيس الدولة بنفسه الحملة الوطنية لإنقاذ الحوت ويتبين أن سدا عملاقا يهدد نوعا من الزواحف الأرضية الصغيرة بالانقراض فيهب دعاة المحافظة على الحياة الفطرية ويموت السد العملاق ويسلم الزاحف الصغير
و في بلاد المسلمين يتسلى الأطفال في الشوارع بالكلاب على مشهد من الكبار يرمونها بالحجارة ويجرونها من أعناقها ويكسرون بعض أطرافها ولا تخرج الكلاب المسكينة من عذابها إلا بموت أليم وترى مالك الحيوان الحمار أو البغل أو الجمل يضع فوق ظهره من الأثقال ما يكاد يقصم ظهره أما قتل العصافير بقية الطيور فهواية شائعة ينافس الآباء فيها الأبناء
وأعرف قبل أن ينبري من ينبري للإيضاح أو التصحيح أن الغرب الذي يبالغ هذه المبالغة في حماية حيوان واحد لا يأبه لعذاب شعوب بأكملها وأن الأمثلة التي سقتها من بلاد المسلمين لا تمثل موقف المسلمين كافة أعرف هذا معرفة اليقين و كل ما يعنيني في هذا المقام أن اهتمام الغرب الكافر بالحيوان يفوق بمراحل اهتمام الشرق المسلم في هذه الجزئية الصغيرة لا أظن أن أحدا سيعترض
أليس من المحزن – والمذهل – أن تخبرنا السنة النبوية المطهرة أن نبيا من الأنبياء عوتب بسبب النمل وأن امرأة دخلت النار بسبب هرة حبستها وأن بغيا غفر الله لها بسبب كلب سقته ومع ذلك يبقى المسلمون يتعاملون مع مخلوقات الله الحيوانية و كأنها أعداء في حرب إبادة شاملة غير متكافئة؟!
لمتسائل يقول: " أحسبك تطالب بجمعيات رفق إسلامية تعنى بالحيوان هل أقمنا جمعيات رفق تعنى بالإنسان؟! " و ليس لي سوى أن أصمت
تبقى كلمة: إذا كان الإسلام يحترم حياة الحيوان على هذا النحو فإلى متى نسمح لبعض الظلمة الفجرة أن يعبثوا بحياة الإنسان كما يشاءون باسم الإسلام؟!"
والأحاديث السابقة بعضها باطل كحديث الغفران للمومس بسبب سقيها للكلب فالغفران يكون بالتوبة من الزنى فلو أنها فعلت مئات الأعمال الصالحة دون أن تتوب من الزنى
وتحدث عن حديث العزل فقال :
"تنظيم النسل
النص
* عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:" خرجنا مع رسول الله (ص)في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيا من سبي العرب فاشتهينا النساء واشتدت علينا الغربة وأحببنا أن نعزل فأردنا أن نعزل و قلنا: نعزل ورسول الله (ص)بين أظهرنا قبل أن نسأله؟ فسألناه فقال: " ما عليكم أن لا تفعلوا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة "
و في رواية نحوه و فيه: أنه (ص) قال: " ما عليكم أن لا تفعلوا فإنه ليست نسمة كتب الله أن تخرج إلا وهي كائنة " و في أخرى " إلا و هي خارجة "
و في أخرى: " ما عليكم ألا تفعلوا فإن الله قد كتب من هو خالق إلى يوم القيامة؟ " أخرجه البخاري و مسلم
* عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: " كنا نعزل على عهد النبي (ص) والقرآن ينزل " أخرجه البخاري و مسلم و لمسلم قال: " كنا نعزل على عهد النبي (ص)فبلغ ذلك نبي الله (ص) فلم ينهنا " "
وكل تلك الأحاديث باطلة لم تحدث فلم يشرع الله السبى ولا وطء النساء في الحروب وقد علق القصيبى وهو تعليق خاطىء تناول فيه مسألة العزل وزلم يتناول الخطأ الفاحش وهو السبى فقال :
"التعليق
لا أحسب أن عاقلا يجادل في أن الله سبحانه و تعالى عندما خلق الذكر وألأنثى أوجد لديهما فطرة التناسل لأسباب اقتضتها حكمته و لعل أهمها أنه بدون تناسل سيضمحل البشر حتى يتلاشوا خلال أجيال معدودة و لا أظن أن عاقلا يزعم أن الله و هو العليم الحكيم خلقنا لهذا النوع من الانتحار
و من هنا فإن الدعوة إلى منع النسل تجيء ضد متطلبات الفطرة و خلاف سنن الخالق في خلقه و هي دعوة يرفضها الشرع الحكيم كما يرفضها النظر القويم
ومن منع النسل أن يعمد القادرون على إنجاب عدة أولاد إلى الاكتفاء بولد واحد ضنا على أوقاتهم الثمينة
من أن تضيع في تربية الأولاد كما يفعل معظم سكان العالم الصناعي وكما يفعل تلامذتهم و مريدوهم في العالم النامي نتيجة هذا المنع بدأت معدلات النمو البشري في المجتمعات الصناعية تتناقص على نحو واضح دفع المفكرين إلى دق ناقوس الخطر محذرين من أن يؤدي التناقص المستمر إلى الاضمحلال
و نجد في الجانب الآخر م الصورة أناسا ص لا يستطيعون القيام بعب ولد واحد و مع ذلك فهم حريصون على إنجاب الحد الأقصى من الأولاد لأسباب أنانية تتعلق بمصلحتهم هم لا مصلحة الأولاد و يستوي بعد أن يكون الدافع التباهي بالفحولة أو ألرغبة في الحصول على أكبر عدد ممكن من العمال (بالمجان) هؤلاء الآباء ينجبون الأولاد ثم يتركونهم بعد إنجابهم بلا تعليم و بلا رعاية صحية و بلا غذاء عرضة للمرض و فريسة للجوع يولد الواحد من هؤلاء الأطفال ليواجه مستقبلا مظلما : إن سلم من أمراض الطفولة لم يسلم من أمراض الصبا وأن سلم من الأخيرة استقبلته أمراض الرجولة ثم تلقته مشكلة البطالة في مجتمعات لا تضمن لمواطنيها عيش الكفاف إن النمو السكاني الهائل في الدول النامية هو بمثابة قنبلة متفجرة تجمل معها خطر المجاعات التي لا تبقي و لا تذر
إن شريعة الله الخالدة التي تحرص على بقاء الإنسان على الأرض تقدر أن هناك حالات تتطلب فيها الضرورة وأعني الضرورة الحقيقية الملحة لا الموهومة تنظيما مؤقتا للنسل وأشدد على الصفة المؤقتة لهذا التنظيم أما الذين يزعمون أن الإسلام يمنع تنظيم النسل مهما كانت الظروف كما تفعل أديان أخرى فليس لي سوى أن أطلب منهم أن يعودوا إلى قراءة الأحاديث النبوية الشريفة في موضوع العزل بلا أفكار مسبقة"
والخطأ إباحة وطء الجوارى دون زواج وهو ما سمى بالسبى ويخالف هذا أن الله طالب المسلمين فى حالة العجز المالى عن زواج المحصنات أى الحرات بزواج الفتيات أى الجوارى وفى هذا قال تعالى "ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وأتوهن أجورهن بالمعروف "لاحظ جملة "وانكحوهن بإذن أهلهن "إذا فالجوارى لا يجوز جماعهن دون زواج ،زد على هذا أن الكثير منهن مشركات ولا يجوز لمسلم نكاح مشركة بالزواج لقوله تعالى "ولا تنكحوا المشركات "زد على هذا أن الله كرر طلب زواج المسلمين من الإماء المسلمات فقال "وانكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم "
وكلام القصيبى عما سماه المشكلة السكانية وهو وهم فلا وجود لتلك المشكلة حتى ولو بلغ سكان الأرض عشرات المليارات فمثلا الصين لو وزعنا المليار ونصف على مساحتها كان عدد سكان كل مليون150 مليون نفس وهو عدد قليل المشكلة هى في الحكومات وما تفعله من عدم توزيع السكان والموارد على كل المساحة وعلى السكان بالعدل
وحدثنا في النهاية عن حرمة التعذيب فقال :
تحريم العذاب بأشكاله وأنواعه
"النص
* عن هشام بن حكيم بن عزام قال: " مررت بالشام على أناس من الأنباط قد أقيموا في الشمس وصب على رؤوسهم الزيت فقلت: ما هذا قيل: يعذبون في الخراج فقلت: أما إنني سمعت رسول الله (ص)يقول: إن الله يعذب الذين يعذبون في الدنيا "
و في رواية قال: " أشهد لسمعت رسول الله (ص)يقول: " إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا " قال: وكان أميرهم يومئذ : عمير بن سعيد وكان على فلسطين فدخلت عليه فحدثته فأمر بهم فحلوا "أخرجه مسلم
وفي رواية أبي داود: " أن هشام بن حكيم وجد رجلا – و هو على حمص – يشمس أناسا من النبط في أداء الجزية فقال: ما هذا؟ إني سمعت رسول الله (ص)يقول: "إن الله يعذب الذي يعذبون الناس في الدنيا "
ولمسلم أيضا في هذه الرواية قال: " وجد رجلا و هو على حمص يشمس أناسا من النبط في أداء الجزية " و ذكر الحديث
التعليق
هناك كتاب عجيب نادر مخيف اسمه موسوعة العذاب من سبعة مجلدات وضعه الباحث العراقي عبود الشالجي يروي بالتفصيل ما شهده التاريخ الإسلامي عبر عصوره من صنوف التعذيب على أيدي الحكام والسلاطين والجلاوزة وهو كتاب أنصح كل مسلم مثقف بقراءته لأنه سيدرك فور الانتهاء منه السبب في أننا لا نزال أبعد ما نكون عن الحرية وعن احترام الكرامة الإنسانية
أنقل هنا أسماء بعض الفصول: التعذيب بالعطش التعذيب بالجوع القتل بالفصد القتل بقصف الظهر القتل بدق المسامير في الآذان القتل بطرح الإنسان للسباع القتل بتقطيع الأوصال القتل وألتعذيب
أدع التاريخ بخيره و شره مؤقتا وأعود إلى الحاضر لأروي قصتين حدثتا في دولة إسلامية حدثت الأولى لابن صديق من أصدقائي و حدثت الثانية لقريب من أقربائي
كان ابن الصديق في سيارة يقودها زميل من زملاء دراسته عندما وقعت حادثة سير واقتيد السائق إلى أقرب مخفر للشرطة للتحقيق وجاء معه ابن الصديق للشهادة خلال الحديث مع الضابط المناوب لاحظ جنابه أن الشاهد لا يتعامل بما يليق بمقامه من التفخيم والتعظيم فما كان منه إلا أن وصمه بقلة الأدب احتج الشاهد بأدب على هذه الشتيمة وزاد الاحتجاج منغضب الضابط الذي استدعى جنديا و همس في أذنه فذهب الجندي بالشاهد إلى فناء المخفر وهناك ضربه بأسلاك كهربائية غليظة حتى سال الدم من ظهره فيما بعد
حاول الشاهد المسكين أن يجد من ينصفه بلا جدوى رغم التقارير الطبية الموثقة ورغم تدخل أهل الخير ورغم شهادة الشهود قرر مرجع الضابط أن الشكوى كيدية باطلة وطوى ملف القضية وأن كانت الندوب لا تزال حتى هذه اللحظة على الظهر الذي (عولج) بالأسلاك
أما قصة قريبي فأخف وطأة افتقد صاحبنا حلية من حلي زوجته وذهب يبلغ ما حدث إلى أقرب مخفر سأله الضابط المناوب عن الذين يعملون في منزله فقال إن هناك عاملين بالإضافة إلى الطباخة سأله الضابط إن كان يتهم أحدا من هؤلاء فأجاب أنه يثق بأمانتهم ويعتقد أن السارق جاء من خارج المنزل إلا أن الضابط طمأنه إلى أنه سيتم العثور على الحلية بمجرد أن يبدأ في (دق الوتر) لم يفهم صاحبنا المقصود فأوضح له الضابط أنه سيستدعي العاملين في المنزل ثم تبدأ الخيزرانة (بالعزف) على أجسادهم حتى يعترفوا جميعا أو يعترف واحد منهم بالسرقة ذعر صاحبنا وعاد إلى منزلة يبشر زوجته بأنها فقدت الحلية إلا أنها فازت بنجاة العاملين من (دق الوتر)
إن كان هذا ما سيحصل في مخفر شرطة وعلى الملأ ألا يحق لنا أن نتساءل عن المصير الذي ينتظر المعارضين السياسيين في أقبية الأجهزة الأمنية؟ نجد الجواب في موسوعة العذاب التي تتحدث عن (التغطيس في مستودعات القذر) و تضيف إنه لون من العذاب مارسه المعذبون في بعض الدول العربية في النصف الثاني من القرن العشرين
هل نعجب والحالة هذه إذا كانت المواثيق الدولية التي تحرم التعذيب وتجرم ممارسيه تسن من غير المسلمين وتفرض فرضا على المسلمين؟ ألا نخجل و نحن نرى القيامة تقوم في الغرب عند ضبط شرطي واحد متلبسا بضرب مواطن واحد بينما يعتبر ضرب المواطنين في الدول الإسلامية عملا روتينيا يوميا يمارسه الشرطي كما يمارس بقية روتينه اليومي؟
لو كان لي من الأمر شيء لوضعت في كل كلية أمنية في بلاد المسلمين مادة اسمها " إن الله يعذب الذين يعذبون في الدنيا " و لو كان لي من الأمر شيء لفرضت دراسة المادة فرضا على كل من يملك سلطة الأمر بضرب أو حبس أو (تغطيس)!"
الغريب في أمر القصيبى هو أنه كان موظفا في خارجية دولته وهى واحدة من بلادنا المتخلفة التى مارست وتمارس كل أنواع التعذيب ضد معارضيها وما زالت وما قضية خاشقجى ببعيدة

أضف رد جديد

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 39 زائراً