قراءة فى كتاب أقوال علماء السنة في قصيدة البردة

الدين والشريعة

المشرف: manoosh

أضف رد جديد
رضا البطاوى
صديق المنتدى
صديق المنتدى
مشاركات: 2997
اشترك في: السبت يوليو 25, 2015 2:08

قراءة فى كتاب أقوال علماء السنة في قصيدة البردة

مشاركة بواسطة رضا البطاوى » الجمعة يونيو 24, 2022 8:34

قراءة فى كتاب أقوال علماء السنة في قصيدة البردة
الكتاب فيما يبد هو جمع لمجموعة من المقالات قيلت في قصيدة البردة للبوصيرى وهى قصيدة أخذت شهرة واسعة في عالمنا بسبب تبنى الصوفية لها وهى للأسف قصيدة مليئة بالكفر
وقد استهل جامع المقالات بفتوى لمحند بن عبد الوهاب فقال :
الفتوى الاولى1 ـ
كلام الإمام محمد بن عبدالوهاب في قصيدة البردة
قال : الإمام محمد بن عبدالوهاب : " في تفسير سورة الفاتحة "
وأما الملك فيأتي الكلام عليه وذلك أن قوله: ( مالك يوم الدين ) وفي القراءة الأخرى ( ملك يوم الدين ) فمعناه عند جميع المفسرين كلهم ما فسره الله به في قوله ك ( وما أدراك ما يوم الدين {ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله "
فمن عرف تفسير هذه الآية وعرف تخصيص الملك بذلك اليوم مع أنه سبحانه مالك كل شيء ذلك اليوم وغيره عرف أن التخصيص لهذه المسألة الكبيرة العظيمة التي بسبب معرفتها دخل الجنة من دخلها وسبب الجهل بها دخل النار من دخلها فيالها من مسألة لو رحل الرجل فيها أكثر من عشرين سنة لم يوفها حقها فأين هذا المعني والإيمان بما صرح به القرآن مع قوله (ص): (( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا )) [ أخرجه البخاري في صحيحة: كتاب الوصايا باب هل يدخل النساء والولد في الأقارب رقم: 2753 والنسائي في سننه: كتاب الوصايا إذا أوصى لعشيرته الأقربين (6/ 248-250) رقم : 3644 3646 3647 من حديث أبي هريرة
من قول صاحب البردة:
ولن يضيق رسول الله جاهك بي اذا الكريم تحلي بأسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي محمدا وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا فقل يازلة القدم
فليتأمل من نصح نفسه هذه الأبيات ومعناها ومن فتن بها من العباد وممن يدعى أنه من العلماء واختاروا تلاوتها على تلاوة القرآن
هل يجتمع في قلب عبد التصديق بهذه الأبيات والتصديق بقوله: ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله) وقوله: : (( يا فاطمة بنت محمد لا أغني عنك من الله شيئا )) لا والله لا والله لا والله إلا كما يجتمع في قلبه أن موسى صادق وأن فرعون صادق وأن محمدا صادق على الحق وأن أبا جهل صادق على الحق لا والله ما استويا ولن يتلاقيا حتى تشيب مفارق الغربان
فمن عرف هذه المسألة وعرف البردة ومن فتن بها عرف غربة الإسلام وعرف أن العدل واستحلال دمائنا وأموالنا ونسائنا ليس عن التكفير والقتال بل هم الذين بدءونا بالتكفير وعند قوله: ( فلا تدعوا مع الله أحدا )وعند قوله: (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ) وقوله: ( له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء)
فهذا بعض المعاني في قوله : ( مالك يوم الدين ) بإجماع المفسرين كلهم وقد فسرها الله سبحانه في سورة ( إذا السماء انفطرت ) كما قدمت لك"
والكلام صادق النقد ثم نقل قول عبد الرحمن بن حسن فقال :
كلام العلامة المجدد عبدالرحمن بن حسن في البردة
وقد ذكر شيخ الإسلام عن بعض أهل زمانه : أنه جوز الاستغاثة بالرسول (ص)في كل ما يستغاث فيه بالله وصنف في ذلك مصنفا رده شيخ الإسلام ورده موجود بحمد الله
ويقول : إنه يعلم مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا الله وذكر عنهم أشياء من هذا النمط نعوذ بالله من عمى البصيرة
وقد اشتهر في نظم البوصيري قوله :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم !!
وما بعده في الأبيات التي مضمونها : إخلاص الدعاء واللياذ والرجاء والاعتماد في أضيق الحالات وأعظم الاضطرار لغير الله
فناقضوا الرسول (ص)في ارتكاب ما نهى عنه أعظم مناقشة وشاقوا الله ورسوله أعظم مشاقة
وذلك أن الشيطان أظهر لهم هذا الشرك العظيم في قالب محبة النبي (ص)وتعظيمه وأظهر لهم التوحيد والإخلاص الذي بعثه الله به في قالب تنقصه
وهؤلاء المشركون هم المتنقصون الناقصون أفرطوا فى تعظيمه بمانهاهم عنه أشد النهي وفرطوا في متابعته فلم يعبؤوا بأقواله وأفعاله ولارضوا بحكمه ولاسلموا له وأنما يحصل تعظيم الرسول (ص)بتعظيم أمره ونهيه
وهؤلاء المشركون عكسوا الأمر فخالفوا ما بلغ به الأمة وأخبر به عن نفسه (ص) فعاملوه بما نهاهم عنه : من الشرك بالله والتعلق على غير الله حتى قال قائلهم :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا فقل : يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
فانظر إلى هذا الجهل العظيم حيث اعتقد أنه لا نجاة له إلا بعياذه ولياذه بغير الله
وانظر إلى هذا الإطراء العظيم الذي تجاوز الحد في الإطراء الذي نهى عنه (ص)بقوله " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله " رواه مالك وغيره وقد قال تعالى : ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب "
فانظر إلى هذه المعارضة العظيمة للكتاب والسنة والمحادة لله ورسوله وهذا الذي يقوله هذا الشاعر هو الذي في نفوس كثير خصوصا ممن يدعي العلم والمعرفة ورأوا قراءة هذه المنظومة ونحوها لذلك وتعظيمها من القربات فإنا لله وإنا إليه راجعون "
والكلام هنا صحيح ثم نقل قول سليمان بن عبد الله فيها فقال :
"قال : العلامة المحدث سليمان بن عبدالله في كتاب تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد : :
ومن بعض أشعار المادحين لسيد المرسلين (ص)قول البوصيري :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
ولن يضيق رسول الله جاهك بي إذا الكريم تجلى باسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي محمدا وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم يكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
فتأمل ما في هذه الأبيات من الشرك
منها : أنه نفى أن يكون له ملاذ إذا حلت به الحوادث إلا النبي (ص) وليس ذلك إلا لله وحده لا شريك له فهو الذي ليس للعباد ملاذ إلا هو
الثاني : أنه دعاه وناداه بالتضرع وإظهار الفاقة والاضطرار إليه وسأل منه هذه المطالب التي لا تطلب إلا من الله وذلك هو الشرك في الإلهية
الثالث : سؤاله منه أن يشفع له في قوله :
ولن يضيق رسول الله البيت
وهذا هو الذي أراده المشركون ممن عبدوه وهو الجاه والشفاعة عند الله وذلك هو الشرك وأيضا فإن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله فلا معنى لطلبها من غيره فإن الله تعالى هو الذي يأذن للشافع أن يشفع لا أن الشافع يشفع ابتداء
الرابع : قوله : فإن لي ذمة إلى آخره
كذب على الله وعلى رسوله (ص) فليس بينه وبين من اسمه محمد ذمة إلا بالطاعة لا بمجرد الاشتراك في الاسم مع الشرك
تناقض عظيم وشرك ظاهر فإنه طلب أولا أن لا يضيق به جاهه ثم طلب هنا أن يأخذ بيده فضلا وإحسانا وإلا فيا هلاكه
..ومنهم من يقول : نحن نعبد الله ورسوله فيجعلون الرسول معبودا
قلت: وقال البوصيري :
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
فجعل الدنيا والآخرة من جوده وجزم بأنه يعلم ما في اللوح المحفوظ وهذا هو الذي حكاه شيخ الإسلام عن ذلك المدرس وكل ذلك كفر صريح ومن العجب أن الشيطان أظهر لهم ذلك في صورة محبته عليه السلام وتعظيمه ومتابعته ...
فكيف بمن يقول فيه ؟ !
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
ويقول في همزيته :
هذه علتي وأنت طبيب ليس يخفى عليك في القلب داء
وأشباه هذا من الكفر الصريح "
ومما لا شك فيه أن المقالات الثلاث بعضها مبنى على النقل من بعضها أو أن الثلاثة ناقشوا نفس الأبيات وزاد الأخير بعض الأبيات عن ألأولين
ثم ذكر الجامع مقولة الشوكانى فقال :
"كلام العلامة محمد بن على الشوكاني في البردة :
فانظر رحمك الله تعالى ما وقع من كثير من هذه الأمة من الغلو المنهى عنه المخالف لما في كتاب الله وسنة رسوله (ص)كما يقوله صاحب البردة رحمه الله تعالى :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
فانظر كيف نفى كل ملاذ ما عدا عبدالله ورسوله (ص)وغفل عن ذكر ربه ورب رسول الله (ص)إنا لله وإنا إليه راجعون
وهذا باب واسع قد تلاعب الشيطان بجماعة من أهل الإسلام حتى ترقوا إلى خطاب غير الأنبياء بمثل هذا الخطاب ودخلوا من الشرك في أبواب بكثير من الأسباب
ومن ذلك قول من يقول مخاطبا لابن عجيل :
هات لي منك يابن موسى إغاثة عاجلا في سيرها حثاثة
فهذا محض الاستغاثه التي لاتصلح لغير الله لميت من الأموات قد صار تحت أطباق الثرى من مئات السنين
وقد وقع في البردة والهمزية شيء كثير من هذا الجنس ووقع أيضا لمن تصدى لمدح نبينا محمد (ص)ولمدح الصالحين والأئمة الهادين ما لا يأتي عليه الحصر ولا يتعلق بالاستكثار منه فائدة فليس المراد إلا التنبيه والتحذير لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ( وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين ) "
ونجد نفس التكرار في بيت اللياذة وإن زاد الشوكانى بيتا أخر يشبهه في المعنى
ثم ذكر الجامع قول أبا بطين في البردة فقال :
"قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين في كتابه الرد على البردة :
قوله :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا فقل : يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
مقتضى هذه الأبيات إثبات علم الغيب للنبي (ص)وأن الدنيا والآخرة من جوده وتضمنت الاستغاثة به (ص)من أعظم الشدائد ورجاءه لكشفها وهو الأخذ بيده في الآخرة وإنقاذه من عذاب الله وهذه الأمور من خصائص الربوبية والألوهية التي ادعتها النصارى في المسيح عليه السلام وإن لم يقل هؤلاء إن محمدا هو الله أو ابن الله ولكن حصلت المشابهة للنصارى في الغلو الذي نهى عنه (ص)بقوله : " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم إنما أنا عبد فقولوا عبدالله ورسوله " والإطراء هو المبالغة في المدح حتى يؤول " الأمر إلى " أن يجعل المدح شيء من خصائص الربوبية والألوهية
وهذه الألفاظ صريحة في الاستغاثة بالنبي (ص)كقوله :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك أي وإلا فأنا هالك والنبي
أي وإلا فأنا هالك والنبي (ص)يقول في دعائه : " لا ملجأ منك إلا إليك "
وقوله :
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ومنقذي من عذاب الله والألم
أو شافعا لي إلخ [ أي ] وإلا هلكت وأي لفظ في الاستغاثة أبلغ من هذه الألفاظ وعطف الشفاعة على ما قبلها بحرف أو في قوله : " أو شافعا لي " صريح في مغايرة ما بعد أو لما قبلها وأن المراد مما قبلها طلب الإغاثة بالفعل والقوة فإن لم يكن فبالشفاعة
والناظم آل به المبالغة في الإطراء الذي نهى عنه الرسول (ص)إلى هذا الغلو والوقوع في هذه الزلقة العظيمة ونحو ذلك قوله في خطابه للنبي (ص):
الأمان الأمان إن فؤادي من ذنوب أتيتهن هراء
هذه علتي وأنت طبيبي ليس يخفى عليك في القلب داء
فطلب الأمان من النبي (ص)وشكا إليه علة قلبه ومرضه من الذنوب فتضمن كلامه سؤاله من النبي (ص)مغفرة ذنبه وصلاح قلبه ثم أنه صرح بأنه لا يخفى عليه في القلب داء فهو يعلم ما احتوت عليه القلوب وقد قال سبحانه : { وممن حولكن من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم (وقال : { وآخرون من دونهم لا تعلمونهم الله يلعمهم } وخفى عليه (ص)أمر الذين أنزل الله فيهم : { ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم }الآيات حتى جاء الوحي وخفى عليه (ص)أمر أهل الإفك حتى أنزل الله القرآن ببراءة أم المؤمنين رضي الله عنها وهذا في حياته فكيف بعد موته وهذا يقول : " وليس يخفى عليه في القلب داء " يعني أنه يعلم ما في القلوب والله سبحانه يقول : { والله عليم بذات الصدور } وقال النبي (ص): " إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت له بحق أخيه فلا يأخذه فإنما اقطع له قطعة من النار " "
ونجد المقال تكرار لنفس الأبيات الثلاثة الذين ذكرهم الكل مع زيادة بيتين أخرين سبق أن ذكرهم بعضهم ثم قال :
"كلام العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبابطين في البردة من كتابه كتاب تأسيس التقديس في كشف تلبيس داود بن جرجيس
قول الناظم : إن من جودك الدنيا وضرتها : أ ي من عطائك وإنعامك وإفضالك الدنيا والآخرة وهذا كلام لا يحتمل تأويله بغير ذلك ووازن بين قول الناظم من جودك الدنيا وضرتها وبين قوله تعالى : ( قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشدا) وقوله ( قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب )
قال ابن كثير : " قل لا أقول لكم عندي خزائم الله " أي خزائن رزقه فأعطيكم ما تريدون ( ولا أعلم الغيب ) فأخبركم بما غاب مما مضى وما سيكون ( ولا أقول لكم إني ملك ) ؛ لأن الملك يقدر على ما لا يقدر عليه الآدمي ويشاهد ما لا يشاهده الآدمي
وقوله تعالى : ( قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) ـ
وازن بين قول يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك وبين قول الذي له النبي (ص): " أجعلتني لله ندا حيث قال له ما شاء الله وشئت " فهذا لو قال ما لي من ألوذ به إلا الله وأنت لكان أقبح من قول القائل ما شاء الله وشئت ؛ لأن الله أثبت للعبد مشيئة لقوله : لمن شاء منكم أن يستقيم [ التكوير 28 ] فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا فكيف إذا أفرد الرسول باللياذ والالتجاء من عذاب ذلك اليوم لا تكلم فيه نفس إلا بإذنه ! ص / 45
قول صاحب البردة
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي ومنقذي من عذاب الله والألم
هو استغاثة بل من أبلغ ألفاظ الاستغاثة كقول الأبوين ( ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) وقول نوح : (وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين [ هود : 47 ] وقول بني إسرائيل : لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين ) أترى أن الأبوين وجميع المذكورين يخبرون الله بأنه إن لم يغفر لهم ويرحمهم فهم خاسرون وأن هذا منهم مجرد إخبار بل كل أحد يعرف أن هؤلاء الذين أخبر الله عنهم بهذا الكلام يسألون الله ويرغبون إليه في أن يغفر لهم ويرحمهم ومعترفون بأنه إن لم يغفر لهم ويرحمهم فهم خاسرون
وأما قول صاحب البردة وقول المشطر :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي**** ومنقذي من عذاب الله والألم
فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
أي وإن لم تأخذ بيدي وتنقذني من عذاب الله فقل يا زلة القدم أي فأنا خاسر أو هالك فهو كقول الأبوين ( وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ) وقول نوح : ( وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ) وقول بني إسرائيل ( لئن لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين) ص / 58 / 59"
والمقالة تكرار لسابقاتها وكأنهم ينقلون عن بعضهم البعض مع اختلاف الألفاظ
ثم نقل مقال أخر لابن عثيمين فقال:
قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين في كتابه "القول المفيد على كتاب التوحيد " (1/218) :
"وقد ضل من زعم أن لله شركاء كمن عبد الأصنام أوعيسى بن مريم عليه السلام وكذلك بعض الشعراء الذين جعلوا المخلوق بمنزلة الخالق ؛ كقول بعضهم يخاطب ممدوحا له :
فكن كمن شئت يا من لا شبيه له وكيف شئت فما خلق يدانيك
وكقول البوصيري في قصيدته في مدح الرسول (ص):
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به سواك عند حدوث الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
قال الشيخ ابن عثيمين
: وهذا من أعظم الشرك لأنه جعل الدنيا والآخرة من جود الرسول صلى الله عليه وسلم ومقتضاه أن الله جل ذكره ليس له فيهما شيء
وقال -أي: البوصيري - [ومن علومك علم اللوح والقلم] يعني : وليس ذلك كل علومك ؛ فما بقي لله علم ولا تدبير ـ والعياذ بالله "
والكلام تكرار لسابقه ثم نقل مقالة الفوزان في الموضوع فقال :
"قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان في كتابه إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد :
قوله تعالى ; ولا شفيع ; أي : واسطة يتوسط له عند الله ما أحد يشفع له يوم القيامة إلا بإذن الله سبحانه وتعالى وبشرط أن يكون هذا الشخص ممن يرضى الله عنه هذه شفاعة منفية فبطل أمر هؤلاء الذين يتخذون الشفعاء ويظنون أنهم يخلصونهم يوم القيامة من عذاب الله كما يقول صاحب " البردة " :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
هذا على اعتقاد المشركين أن الرسول يأخذ بيده ويخلصه من النار وهذا ليس بصحيح لا يخلصه من النار إلا الله سبحانه وتعالى إذا كان من أهل الإيمان
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( 1 / 241 )
عن أنس رضي الله عنه : أن أناسا قالوا يا رسول الله ياخيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا فقال (( يا أيها الناس قولوا بقولكم ولايستهوينكم الشيطان أنا محمد رسول ؛ عبد الله ورسوله ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل )) رواه النسائي بسند جيد
فهذان الحديثان يستفاد منهما فوائد عظيمة :
الفائدة الأولى : فيه التحذير من الغلو في حقه (ص)عن طريق المديح وأنه (ص)إنما يوصف بصفاته التي أعطاه الله إياها : العبودية والرسالة أما أن يغلي في حقه فيوصف بأنه يفرج الكروب ويغفر الذنوب وأنه يستغاث به - عليه الصلاة والسلام بعد وفاته كما وقع فيه كثير من المخرفين اليوم فيما يسمونه بالمدائح النبوية في أشعارهم : " البردة " للبوصيري وما قيل على نسجها من المخرفين فهذا غلو أوقع في الشرك
كما قال البوصيري :
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
فهذا غلو - والعياذ بالله - أفضى إلى الكفر والشرك حتى لم يترك لله شيئا كل شيء جعله للرسول صلى الله غليه وسلم : الدنيا والآخرة للرسول علم اللوح والقلم للرسول لا ينقذ من العذاب يوم القيامة إلا الرسول إذا ما بقي لله عز وجل ؟
وهذا من قصيدة يتناقلونها ويحفظونها وينشدونها في الموالد
وكذلك غيرها من الأشعار كل هذا سببه الغلو في الرسول (ص)
وأما مدحه (ص)بما وصفه الله به بأنه عبد ورسول وأنه أفضل الخلق فهذا لا بأس به كما جاء في أشعار الصحابة الذين مدحوه كشعر حسان بن ثابت وكعب بن زهير وكذلك كعب بن مالك وعبدالله بن رواحة فهذه أشعار نزيهة طيبة قد سمعها النبي (ص)وأقرها لأنها ليس فيها شيء من الغلو وإنما فيها ذكر أوصافه (ص)
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( 2 / 312 )
ففي قوله : " عبدالله " رد على الغلاة في حقه (ص)
وفي قوله : " رسوله " رد على المكذبين الذين يكذبون برسالته (ص) والمؤمنون يقولون : هو عبدالله ورسوله
هذا وجهه الجمع بين هذين اللفظين أن فيهما ردا على أهل الإفراط وأهل التفريط في حقه (ص)
وفيه : رد على الذين غلو في مدحه (ص)من أصحاب القصائد كقصيدة البردة والهمزية وغيرهما من القصائد الشركية التي غلت في مدحه (ص) حتى قال البوصيري :
يا أكرم الخلق ما لي من أولذ به سواك عند حلول الحادث العمم
فنسي الله سبحانه وتعالى
ثم قال :
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا فقل يا زلة القدم
يعني : ما ينجيه من النار يوم القيامة إلا الرسول
ثم قال :
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
الدنيا والآخرة كلها من وجود النبي (ص) أما الله فليس له فضل هل بعد هذا الغلو من غلو ؟؟
واللوح المحفوظ والقلم الذي كتب الله به المقادير هذا بعض علم النبي (ص) ونسي الله تماما - والعياذ بالله -
وكذلك من نهج على نهج البردة ممن جاء بعده وحاكاه في هذا الغلو هذا كله من الغلو في مدح النبي (ص)ومن الإطراء
أما المؤمنون فيمدحون الرسول (ص)بما فيه من الصفات الحميدة والرسالة والعبودية كما أرشد إلى ذلك النبي (ص) كما عليه شعراء الرسول (ص)الذين مدحوه وأقرهم مثل : حسان بن ثابت وكعب بن مالك وكعب بن زهير وعبدالله بن رواحة وغيرهم من شعراء الرسول (ص)الذين مدحوه بصفاته (ص) وردوا على الكفار والمشركين
هذا هو المدح الصحيح المعتدل الذي فيه الأجر وفيه الخير وهو وصفه (ص)بصفاته الكريمة من غير زيادة ولا نقصان
ومن الغلو في حقه (ص): إحياء المولد كل سنة لأن النصارى يحيون المولد بالنسبة للمسيح على رأس كل سنة من تاريخهم فبعض المسلمين تشبه بالنصارى فأحدث المولد في الإسلام بعد مضي القرون المفضلة لأن المولد ليس له ذكر في القرون المفضلة كلها وإنما حدث بعد المائة الرابعة أو بعد المائة السادسة لما انقرض عهد القرون المفضلة فهو بدعة وهو من التشبه بالنصارى
وتبين هنا ما يستفاد من هذه الأحاديث باختصار :
المسألة الأولى : التحذير من الغلو في مدحه (ص) لأن ذلك يؤدي إلى الشرك كما أدى بالنصارى إلى الشرك "
المسألة الثانية : فيه الرد على أصحاب المدائح النبوية التي غلوا فيها في حقه (ص) كصاحب البردة وغيره
المسألة الثالثة : فيه النهي عن التشبه بالنصارى لقوله : " كما أطرت النصارى ابن مريم "
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( 1 / 274 / 280 / 281 )
فإذا كان الرسول أنكر الاستغاثة به فيما يقدر عليه فكيف بالاستغاثة به فيما لا يقر عليه إلا الله سبحانه وتعالى ؟ وكيف بالاستغاثة بالأموات ؟ هذا أشد إنكارا
وإذا كان الرسول (ص)منع من الاستغاثة الجائزة في حياته تأدبا مع الله فكيف بالاستغاثة به بعد وفاته ؟ وكيف بالاستغاثة بمن هو دونه من الناس ؟ هذا أمر ممنوع ومحرم وهذا وجه استشهاد المصنف رحمه الله بالحديث للترجمة
إذا فقول البوصيري :
يا أكرم الخلق ما لي من أولذ به سواك عند حلول الحادث العمم
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي فضلا وإلا قل يا زلة القدم
فإن من جودك الدنيا وضرتها ومن علومك علم اللوح والقلم
أليس هذا من أكبر الشرك ؟
يقول : ماينقذ يوم القيامه إلا الرسول (ص) ولايخرج من النار إلا الرسول (ص) أين الله سبحانه وتعالى ؟
ثم قال : إن الدنيا والآخرة كلها من جود الرسول (ص) وعلم اللوح المحفوظ والقلم الذي كتب في اللوح المحفوظ بأمر الله هو بعض علم الرسول (ص) إذ الرسول (ص)يعلم الغيب
وهذه القصيدة ـ مع الأسف ـ تطبع بشكل جميل وحرف عريض وتوزع وتقرأ وييعتنى بها أكثر مما يعتنى بكتاب الله عز وجل فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( 1 / 202 )
بل إن بعض الغلاة يقول : إن التسمي بمحمد يكفي يقول صاحب البردة :
فإن لي ذمة منه بتسميتي محمدا وهو أوفى الخلق بالذمم
لاينفع عند الله إلا العمل الصالح لا الأسماء ولا القباءل ولا شرف النسب ولا كون إنسن من بيت النبوة كل هذا لاينفع إلا مع العمل الصالح والاستقامة على دين الله عز وجل
نعم القرابة من الرسول (ص)إذا كانت مع العمل الصالح لها فضل لاشك فيه فأهل البيت الصالحون المستقيمون على دين الله لهم حق ولهم شرف كرامة ويجب الوفاء بحقهم طاعة للرسول (ص) فإنه أوصى بقرابته وأهل بيته لكن
يريد القرابة وأهل البيت المستقيمين على طاعة الله عز وجل أما المخرف والدجال والمشعوذ الذي يعتمد على قرابته من الرسول (ص) ولكنه في العمل مخالف للرسول (ص) فهذا لا يعنيه شيئا عند الله لو كان هذا ينفع أبا لهب ونفع أبا طالب ونفع غيرهم ممن لم يدخلوا في دين الله وهم من قرابة الرسول (ص) فالواجب أن نتنبه لهذا
إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ( 1 / 201 )"
والملاحظ أن كل الأقوال المجموعة تتحدث عن حوالى خمس أو ست أبيات من القصيدة فقط وأن كل واحد ينقل كلام الأخر بمعناه وإن اختلفت الألفاظ وبعض المقالات يزيد من البراهين على البعض الأخر
ومن ثم لا يوجد أحد درس كل أخطاء القصيدة كاملة والتى تتناقض مع القرآن تماما في معظمها

أضف رد جديد

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 37 زائراً