اللعب مجدداً في الورقة السورية ..فراس النعسان

آخر الأخبار والمستجدات
أضف رد جديد
صورة العضو الشخصية
صهيب النعسان
عضو مشارك
عضو مشارك
مشاركات: 24
اشترك في: الثلاثاء مارس 24, 2009 1:31
مكان: amman - jordan

اللعب مجدداً في الورقة السورية ..فراس النعسان

مشاركة بواسطة صهيب النعسان » الأحد نوفمبر 15, 2009 2:19

لفتت إسرائيل الأنظار إلى دعوتها سوريا للبدء في مفاوضات سلام "بدون شروط مسبقة"، وبالطبع المقصود هو عدم طرح سوريا أية شروط، وليس إسرائيل التي تعتبر نفسها حتى اللحظة المتحكم بفتاح بيت السلام في المنطقة على أساس أن العرب هم من يحتاجون إلى السلام معها، وليس هي لكونها الطرف الأقوى المحتفظ على الدوام بورقة الدفاع الأميركية عن أية قضية قد تثار في المحافل الدولية ضدها.

واللافت في الدعوة الإسرائيلية من باريس هو التوقيت الذي اختارته تل أبيب لتقود العالم للنظر مجدداً إلى المسار السوري الإسرائيلي الذي يعتبر الأعسر بين كافة المسارات، العلنية منها، والسرية. ذلك أن سوريا كانت قد انتهت، منذ أن شنت إسرائيل حربها المشينة على غزة، من الحديث عن مفاوضات السلام مع إسرائيل، مع الإبقاء على الباب موارباً أمام الوسطاء كما هو الحال في أية لعبة سياسية مع "عدو" حتى لا يقال إن هذا الطرف أغلق الباب أمام فرصة سانحة للسلام في أي زمن قادم!

المحور الأهم في رسالة إسرائيل لسوريا من باريس هو تحويل الرأي العام العربي، والعالمي إلى اتجاهين، الأول هو ذلك المعني بالرأي العام الدولي، من حيث لفت الأنظار إلى رغبة إسرائيل بالسلام وعدم إغلاق الباب أمام أية فرصة متوافرة له مع أي طرف عربي. وهي بالطبع رسالة مهمة لإسرائيل في هذا الوقت الذي تعاني فيه من انقلاب غربي عليها لصالح الطرف العربي، وتحديداً الطرف الفلسطيني، سواء لما أظهرته من وحشية علنية في غزة، أو لما دفعت إليه القيادة الفلسطينية من يأس، بعد تعنتها ومراوغتها للإبقاء على حركة بناء المستوطنات التي تقوض عملية المفاوضات مع الفلسطينيين، ولو أن موضوع "محمود عباس" فيه رأي آخر قد يدعم مبدأ التحريك عن الأزمة الحقيقية في المنطقة لصالح أمر يدعو للريبة، لكنه ليس مقالنا.

أما الاتجاه الثاني، وهو بالطبع الأخطر، فهو المعني بالرأي العام العربي، ومحاولة إحراج سوريا في مرحلة لا تقوى فيها هذه الدولة العربية الكبيرة على رفض ورقة صلح مع إسرائيل، وهو ما يعني الصلح مع الغرب، وخاصة أميركا، الوسيط فيها صديق يتواجد بين مجموعة من المعادين لدمشق. وهنا يجب الانتباه إلى أن سوريا تعض على الخنجر، ولا تحسد على موقفها الذي قد تعتبره بعض القيادات العربية دواءاً للنظام السوري الذي لم يقف في طابور السلام بالشكل الصحيح، وتسبب في إحراج العديد من "المسالمين العرب" بمفاوضاته السرية، منذ مدريد.

محاولة إحراج سوريا، وامتحانها غربياً مجدداً، ليس بالأمر السهل على الدبلوماسية السورية، فهو يأتي في وقت لا تزال فيه الدول العربية تتحدث فيه عما ارتكبته إسرائيل من مجازر بحق أهالي غزة، وكذلك تعنت إسرائيل فيما يخص وقف الإستيطان، الذي يعتبر حجر عثرة في طريق السلام الحقيقي مع الفلسطينيين، وبالتأكيد يجب أن يكون كذلك بالنسبة لكل العرب.

سوريا يمكنها أن تقبل التفاوض مع إسرائيل بطريقتها الخاصة، وبأسلوبها السياسي والدبلوماسي المعهود، لكنها هذه المرة ستقع في إحراج سياسي مع كافة الأطراف العربية التي تعلق آمالاً كبيرة على الموقف السوري، وعلى وجه الخصوص "حماس" التي ستتعرض إلى صفعة غير متوقعة من سوريا لو اختارت المضي في مسار المفاوضات مع إسرائيل. خاصة أن الأمر سيقود إلى المزيد من الضغط على محمود عباس للعدول عن قراره عدم خوض انتخابات الرئاسة الفلسطينية، وهو ما لا ترغب فيه "حماس"، وتكريس اتباع مبدأ سياسي اشتهرت فيه الدبلوماسية الإسرائيلية، وهو مبدأ تحريك الأنظار عن القضية الأساسية لصالح قضية مفروغ من أمرها على كل الأحوال، فالسلام مع سوريا لا يعني بحال من الأحوال بالنسبة لإسرائيل سوى شكل من أشكال تحريك أوراق اللعب لكسب فريق ثالث، مع عدم النظر إلى تبعات العملية برمتها، لأن تل أبيب تؤمن بأنها الطرف الأقوى في المنطقة بفضل الحماية الأميركية، وضمان دعم الجوار، لكنها الآن تسعى لكسب الدول الأوروبية، وربما تتبع بذلك وصفة أميركية جديدة، بدون مضاعفات، شبيهة بالوصفات السابقة التي اعتاد عليها العالم أجمع، لكن التصفيق ضروري على ما يبدو!

أضف رد جديد

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 11 زائراً