الطفل المدلل والطفل المحروم

لكل افراد الأسرة

المشرف: Red-rose

أضف رد جديد
amina2344
عضو جديد
عضو جديد
مشاركات: 1
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 24, 2019 1:10

الطفل المدلل والطفل المحروم

مشاركة بواسطة amina2344 » الجمعة يونيو 18, 2021 9:39

الطفل هو ثروة العائلة وامتداد لها، هو فلذة أكباد الأهل، فهل يعمل الأهل على أن يكون أطفالهم هم الأفضل على صعيد التربية والتنشئة والسلوك. الأهل هم المسؤولون بالدرجة الأولى عن تنشئة أطفالهم، وخط الدفاع الأول أمام موجات التغيير الاجتماعي أو التحديات العائلية، الاجتماعية، الأخرقية.

وبتأمل في واقع تعامل العائلة، يلحظ المتابع لهذا الواقع تقصير دورها في هذه الواجهة، كلنا يرى الركض اللاهث للوالدين للتكسب وتحصيل الحاجات الأساسية والثانوية على حساب التربية السليمة، لاسيما أن العصر الحالي جلب في أهدابه العديد من المساوئ (لا بل المصائب)، التي أحدثت تغييرات سلبية في نسيج الأسرة ما أفقد الأخيرة قدراً كبيراً من تماسكها ووحدتها، وعرضها للعديد من التحديات التي تواجه القيم العائلية والمجتمع بأسره، لاسيما لناحية الطفل المدلل والطفل المحروم.

الطفل المدلل عجينة صنعت بشكل ملتولم ينشأ ضمن قواعد محددة، أو لم يلتزم بها، لم يحسن الأهل تربيته على أصول ومبادئ عائلية واجتماعية... والطفل المدلل هو الطفل الثائر، الغاضب غير المتكيف مع عائلته، هو الطفل المستبد بحيث يريد تحقق مطالبة تحت طائلة استمرار البكاء دون توقف، هو الطفل الذي اعتاد على الحصول على ما يريد بأسلوب ملتو، هو الطفل الذي لم يكن تعامله جيداً مع مجتمعه في المستقبل (مدرسة، الأقارب، العمل...)، هو الطفل الذي لم توضع له قواعد سابقة لكي يتوقع ما يجب العمل به أو ما لا يجوز القيام به، هو الطفل الذي لم يكافئه أهله عندما أحسن التصرف أو لم يعاقباه عندما أساء السلوك، ربما هو الطفل الضحية لأهل حرموا في طفولتهم من وسائل الرفاهية، فأفاضا عليه نعم البذخ والإسراف بالثياب الثمينة والوسائل التكنولوجية الحديثة (فقط ليعوضوا عن حرمانهم وليس ليؤمنوا لطفلهم ما هو بحاجة له).. هو الطفل غير المهذب، الأناني، المسيطر، أو غير المحترم (لنفسه ولغيره)، المزعج (لغيره) والمنزعج (بنفسه)، هو الطفل ضحية غروره، لا يقبل النصائح، لا يلتزم بالأوامر (العائلية أو الاجتماعية)، هو الغاضب والمعترض الدائم على كل الأمور (دون أن يكون له بديل واحد لأبسط الأمور)... كلها عوامل داخلية تعتري في نفس الطفل وتحفر في نفسيته كالنقش في الحجر، وتدفعه نحو السلوك السيئ دون أن يدري بذلك، وتدفعه إلى ارتكاب الجرائم في ما بعد دون أن ينظر إلى عوامله الداخلية وبيئته... ويدفعه إلى عوامله الداخلية وبيئته... ويدفعه ذلك إلى العشرة السيئة وإلى البطالة، لأنه تعود أن يؤمن له كل شيء دون تعب... تدفعه إلى الملاهي الليلية وتمويل الأنشطة الموبوءة والمشاركة فيها، تدفعه إلى السمنة والبدانة، وعدم العمل على ترقية نفسه أو مراقبة تصرفاته.

وعلى الأهل أن يعلموا أن طفلهم هو مرآتهم الحقيقية (فمن ثمارهم تعرفونهم) فلهم الفخر والعز فيما لو احسنوا تربيته، أو لهم استجداء الاحترام والانعزال في ما لو أخفقوا ، حيث ان حسن التربية تساهم في تنمية ذكاء الطفل بشكل كبير .

الحلول تأتي بوضع الأصبع على الجرح أي معالجة الأسباب وليس النتائج خصوصاً أن معالجة النتائج من دون الأسباب هي اطالة للمشكلة وليست حلاً لها، والحديث عن الأخطاء لا يجدي، أن أول من يدفع ثمن هذه التربية السيئة هي العائلة نفسها ، لكن المؤسف أن هذه الانعكاسات السلبية لا تنحصر بالعائلة بل تمتد إلى البيئة الخارجية للطفل فيما بعد، وتشكل عوامل داخلية في نفسيته تدفعه إلى ارتكاب المزيد من الحماقات أو الأعمال غير الشرعية أو غير المباحة.



وتؤكد لنا النظريات الاجتماعية النفسية أهمية الوعي والإدراك لأسباب مشكلة معينة، مما قد يشكل الخطوة الأولى لمعالجتها والتصدي لها، أن مسؤولية الأهل تكمن أيضاً في التواصل والإصغاء فالحوار هو الخبز اليومي للعائلة وبمثابة الدم للجسد وسر ديمومة العائلة، أما سياسة المنع والرفض فلم تكن يوماً مجدية وأن ينتبه الوالدان لاسيما الأم إلى تصرفات طفلها (من طفل برئ إلى طفل قنبلة موقوتة في المستقبل القريب)، تنبيه الأهل إلى نوعية المشاكل السلوك.

وهناك آباء كثيرون متناسون أن لهم أدواراً أخرى تستحق الاهتمام، فعلى الأب أن يكون الحارس الأمني لعائلته، لاسيما حماية القلوب والعقول الصغيرة، عليه أن يكون قدوة حسنة لهم، عليه ان يتفاهم روحياً وعقلياً مع زوجته على كيفية مواجهة هذا الأثر السيئ، أن من المهم جداً مراقبة مدى استجابة الطفل للتوجيهات والملاحظة والتزامه بها، وعدم الرضوخ لابتزازه، من خلال بكائه، فمن الضروري أن يبكي الطفل ويستمر في البكاء إلى أن يهدأ لوحده، ويحرم أحياناً من أمور ثانوية (كي يتعود في حياته على الربح والخسارة، فلا تصدمه خسارة أو رسوب فيما بعد)، فإغراق الطفل في تأمين كل المشتريات يقتل لديه الحلم (وأجمل ما في حياة الطفل هو الحلم وتحقيقه في ما بعد).

وعلى الطفل أن يتعلم الصبر لا بل المثابرة، فالوصول إلى المراكز العليا هي لمن تربى في منزله على المثابرة (الصبر بالتصبر).

ومن المهم تربيته على استقلال الشخصية وحرية الرأي والتعبير والتفكير، أنما دائماً ضمن ضوابط وضمن توجيهات الأهل، ومن المهم أيضاً إفساح المجال للطفل للتعبير عن انجازاته (علامات جيدة في المدرسة) إنما دون التعالي جداً لأنه سيشعر بفوقيته وبدونية أترابه... وفي مقابل ذلك نجد الطفل المحروم، فمثلما أن هناك طفلاً مدللاً فإن هناك طفلاً محروماً قد ينشأ في بيئة اقتصادية تعاني من مشاكل اقتصادية، قلة الدخل أو سوء التصرف به، البخل، انخفاض مستوى الدخل ومعيشتة الأسرة، البطالة المستمرة أو لوقت محدد )لاسيما الوالد)، .... إنما باطل من يظن أن الطفل يحتاج إلى الملبس والمسكن والعلم والكماليات الحياتية بقدر ما يحتاج إلى العطف والحب والحنان والمشورة والتوجيه. ولقد أثبتت الدراسات أن حرمان الطفل له تأثير على انحرافه فالفقر الذي يولد عدم التعليم والذي يصطدم بالبطالة والذي ينتج عنه الحاجة، الجوع، المرض والتسول والتشرد ونحوها كلها متتاليات سرطانية تفترس آدمية الإنسان. كما أن الفقر ربما يؤدي إلى إهمال الوالدين لواجباتهم، الأمر الذي يؤدي بالطفل إلى أن يقع ضحية الاتجار به للاستغلال الجنسي والتحرش للاتجار بأعضائه، لتهريب المخدرات، وللانخراط في السرقة، والاحتيال، وبيع المنتوجات التقليدية والمزورة... وأن من أسوأ أشكال عمل الأطفال: العمل الزراعي وتجميع القمامة والخدمة المنزلية والعمل في التبغ، في المقالع وفي الملاهي الليلية... إضافة إلى المشاكل التي تنتج عن النكبات والكوارث على غرار هشاشة أوضاع اللاجئين والأطفال المهجرين والنازخين.



لذلك لا يمكن أن نحمي الطفل من العنف بوجود وضع عائلي غير مستقر، وأن نجد الطرق الجاذبة له في التعليم، والطرق الجاذبة، استقرار وضع التعليم وارتباطه بواقع العمل، فلا يفصل شرخ عميق ما بين التعليم والعمل. وهذا جزء أساسي جاذب للطفل وأسرته في أن يروا في التعليم منفذاً لحياة أفضل. أخيراً لا يمكن أن نحمي الطفل من دون فرض إلزامية التعليم في المدارس ومجانيته حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي ومراقبة المدارس للأولاد لمنع تسريبهم إلى الخارج، وختاماً أقول: إذا تصرف الولد تصرفاً سيئاً يجب أن لا نفكر في معاقبته على السلوك السيئ بقدر التساؤل عن سبب هذا التصرف ومساءلة أنفسنا عن سلوكنا أمامه.

أضف رد جديد

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين و 18 زائراً