سيدي عمر !!

[صالح مفلح الطراونه]

الجزء الأول ...

ينهض سيدي عمر .. صباحاً ثم يتوضأ ويصلي الفجر , ثم يجلس بالقرب من نافذته الخشبيه المطله على باحة (المدخل) .. يناظر الساعه (علها تدق السادسه صباح), يريد الخروج من عتمة هذا الليل الطويل الذي يزفي بالمواجع على كل الجسد المنهك , هذا الليل الموحش بعدما (غادرته ) (الحجه فضيه) الى غير رجعه ...
يُطل من بين اهداب عتمة الليل عسى (جمانه أو هاشم ) ينهضان باكراً وعساهم يحتاجون الحليب باكراً وعساهم يريدون اللعب معه في بقايا هذا الليل الطويل ...ولكن جمانه غارقه بالنوم بجانب هاشم حيث تغار منه كثيراً فتحاول ان تخبئ البسته والعابه ...واحذيته الجميله ..
لينهض سيدي عمر .. يقترب منهما
يمسح على شعريهما علهما ينهضان ولكن دون جدوى !!
والليل طويل حتى باتت اشعة الشروق تلمع في سماء المكان ..
الحمد لله اخيراً خلّصت من هذا الليل الطويل ..
سأذهب لأحضر لجمانه وهاشم من (الكّرم القديم ) صباحات (التين ) وهي تلامس الندى
فقطفهما باكراً ينعش القلب .
وبداء يفتح باحة المنزل بهدوء شديد ..
ماراً بصباحات الخير والسلام على كل الذين كانوا يرافقونه رحلة الصباح ..
الحجه (فضيه) ,والحاج (سليمان) واحمد و..و...
لتسقط دمعه تغّسل الوجهه والشعر الذي يغطي مساحات من وجهه الصبوح ....
ويمر من خلف امتعة السفر التي بقيت ماثله برائحة الحجه (فضيه) تعطر صباحه
قائلاً : الله يرحمك يا حجه الله يرحمك ..
ينظر في دفتر العائله ليقول إنها صورتها ...
أنها يوم قررنا الحج .. ذهبنا وتصورنا
واليوم لا اجدها ...
يمضي الى كرمه القديم (يقطف التين ) الذي عطره الندى ويعود ..
شاقاً رحلة العوده من أطراف مقبرة القريه .
يسلم ..السلام عليم جميع
فلا..... راد عليه غير قلبه ..
وغير صدى يئن في ذاكرته هنا كانوا وهنا كنا ..
فيعود ....

الجزء الثاني ....

فيعود الى باحة المنزل بكل هدوء ...
وقد اصبح النهار مشرقاً وشمسه تعانق الجدران ..
ثم يتسلل بكل هدوء الى المطبخ فيغسل (التين ) من غبار الليل ..
ويمضي الى (جمانه وهاشم ) ..
ويدخل بينهما كطفل ثم يبداء يداعبهما ..
أن استيقظا ..
ثم تمسك جمانه الطفله الشقيه بيد سيدي عمر ..
ثم تقول له (هاشم يقول عنك ) ...إنك لاتود ان تقص علينا قصه ..
الشاطر حسن هذه الليله ..
ابداً يا جدي .. سوف اقص عليكما هذه القصه هذا المساء ...
ثم يمضيا الى باحة المنزل ..
فيقول إنظرا ماذا أحضرت لكما ... (تين )
جمانه وهاشم ... كل هذا (إلنا)
نعم لكما...
ثم يذهب سيدي عمر الى غرفته التي تحتوي على مجموعة من الذكريات التي تعج بإشياء كثيره
أشياء (تجعله ) يستذكر كل الذين جلسوا هنا ذات يوم ..
فهنا ..كثيراً
ما جلس الجميع امام هذا المذياع (القديم ) الذي كان يقص حكايات من حكايا الشهامه البدويه والفلاحيه في حياة الاردنيين عبر إمتداد حدود الوطن , وهنا كثيراً ما جلس الجميع يحتسون القهوه من ايدي (ستي فضيه) , ويجلسون ينتظرون يوم الجمعه (مسلسل غليص ), ويتسامرون بقصائد أبو (محمد ) الذي كان يحفظ الشعر كثيراً وكان يكتب الحروف ويغني مع الفلاّحين في موسم (الحصاد) وينشد ترويدة المطر في يوم شتاء ....
رحل سيدي عمر ...
وترك الارض التي جف فيها صوت (الماء ) ..
وترك لنا صوره ماثله امام طاولة التلفاز ...
وترك لنا لباسه القديم ومنديله المهدب وعقاله الشامخ .. وترك لنا رائحة عطره من مكه او المدينه ...
وترك لنا امتعة الدار القديمه , تطارحها الشمس الشروق والغياب , وترك لنا ساعته القديمه ومذياعه وعصاه التي حملها كثير من الوقت في رحلة السفر ما بين (الكرم ) وباحة الطريق والناس يلقون عليه السلام ..
سيدي عمر ..
تسأل عنه (جمانه وهاشم ) في كل صباح ..
ترى لماّ الغياب يا سيدي ... عمر
وترى هل سيعود ...
اسئله تحتاج من سيدي عمر الأجابه ...
هل ستعود !!

[عابرة سبيل]

بشرفني اني اكون اول من رد على مثل هذا الموضوع الذي لا اقدر ان اصفه الا بشيء واحد هو
إبـــــــــــــــــــــــــــــــــــداع
تقبل مروري

[صالح مفلح الطراونه]

قسم ان الشرف لي انا بردك وحسن اخلاقك
التي اعتز بها
اخيك

[بنت الأردن]

لكننا لا نجد صدى لهم في المكان القديم...
ونعود نبكيهم بعد كل محاوله !
و يردد سيدي عمر و نردد معه : ألا ليت الشباب يعود يوماً....

باتتظار الجزء الثاني

[صالح مفلح الطراونه]

اشكرك اختي بنت الاردن على المشاركه
تابعي الجزء الثاني بذات المقال ...
اخيك

[بنت الأردن]

استمتعت حتى اخر حرف و أحسست انني أعيش في ذاك الزمن !!
ذاك الزمن الذي لطالما تحدثت عنه والدتي ( اللهم أتم عليها الصحة و العافية)...

أخي صالح هل توافقني بأننا نحن الاردنيون نتحدث لغة لا يفهمها الا نحن؟
هل تشعر أننا بشمالنا و و سطنا و جنوبنا نفهم حديث الربابة و الدله و الهيل ؟
هل تشعر بأننا نحمل موروثاً جميلاً ؟؟

في الحقيقة... أحترت ان ألقبك كاتباً أم قاصاً أم روائياً ؟؟
سأجيب نفسي : أنت مثقفاً يفهم كل اللغات...

[صالح مفلح الطراونه]

ردود
الى الأخت العزيزه على القلب معزة الأخوه جوار الدم والجغرافيا ..
أما بعد
فيا أختي بدايه اللهم إحفظ لك الوالده .. ثم مبارك عيدها القادم وعيد كل إم على وجهه هذه الأرض تتنفس من صعيد الاسلام نعمته ورضوانه ..

فقد أخجلت قلمي المتكئ على الرحيل عن الكتابه ..
نعم أخجلت قافيتي القابعه في ظلال الوقوف على ناصية الطريق المتجهه .. لغايات قراءة النصوص وحسب
نعم يا أختي العزيزه بنت الاردن ..
يا طيبة المدارس ويا قلم الرصاص ويا لوحة الالوان بيد أطفال المدارس الابرياء من العبوديه لغير الله

اشكرك هذا ما استطيع قوله ..
اخيك

[المختار]

انت حقا مبدع ايها الكاتب الرائع وكل ما تكتبه يجعلك تخوض في هذه الكتابات الرائعه وتستذكر الماظى والحاظر

وجزاك الله كل خير على الكتابات الجميله

[صالح مفلح الطراونه]

اخي المختار العزيز
بدايه بارك الله فيك وعلى مرورك ومشاركة سيدي عمر القراءه لنص ..
كُتب كحاله وطنيه ...
وكُتب كحاله معاشه بمجتمعنا ...
فربما سيدي عمر أراد ان يقلص المسافات المتراميه بين الحضارات (الجيليه ) وربما أراد سيدي عمر ..
يمر بكل الطرق المؤديه .. لستي (فضيه ) لكنه أدرك
انها هناك بين العمل والأنتظار تشخص ترتقب عودته اليها من جديد ..
اشكرك من القلب ..
فسيدي عمر تجسيد لكل حاله تعيش بيننا ..
ونعيش سيدي عمر كلنا بالتأكيد ولكن بظروف واشياء متفاوته

بارك الله فيك وبالمختار الذي ينتسب لأسمك