الحـافلــــة ( قصة حقيقية)

قصص و روايات أدبية

المشرف: أريج

قوانين المنتدى
• يمنع وضع اي مواد محمية بحقوق نشر دون موافقه مسبقه من صاحبها
قوانين المنتديات العامة
صورة العضو الشخصية
بنت الأردن
صديق المنتدى
صديق المنتدى
مشاركات: 2320
اشترك في: الخميس أكتوبر 02, 2008 4:54
مكان: عمان

الحـافلــــة ( قصة حقيقية)

مشاركة بواسطة بنت الأردن » السبت أكتوبر 11, 2008 5:38

الحـافلــــة


كان الوقت هو الظهيرة.. الشمس ترتفع في كبد السماء .. وبالرغم من بعدها الشاسع.. إلا أن حرارتها تكاد أن تكوي الأجساد.. ولم تكن هناك نسمة هواء واحدة تلطف هذا الجو غير عوادم السيارات التي تكاد أن تجهز علي ّ مختنقا
كان ذلك الموعد هو موعد خروج الموظفين من أماكن عملهم إلى حيث يطلبون الراحة في ابتسامة أطفالهم.. وهدوء منازلهم
كانو أشبه بأسراب النمل أثناء خروجها من مخابئها
وعند موقف حافلات النقل العام وقفت منتظرا تلك الحافلة التي ستوصلني إلى مآبي اليومي
وبعد مدة ليست بالوجيزة أقبلت
كان مشهدها يبعث على اليأس من أمل الركوب بها.. فقد كانت الأبواب متفجرة بالبشر الذين يزدحمون عليها.. وبالرغم من هذا المشهد المتكرر يوميا إلا أني لم أفقد الأمل ككثير غيري انطلقوا نحوها في سباق جنوني.. ولست ادري كيف قفزت تلك القفزة التي يحسدني عليها أمهر لاعبي السيرك.. ولا كيف أمسكت يدي بذلك القائم المجاور للباب.. ولوهلة ظلت قدماي معلقتان بالهواء.. وأخيرا استقرتا فوق قدمي آخر أخذ يسب ويلعن وأنا أدعي الصم تجنبا للمشاكل وتبادل السباب الذي ينتهي كالعادة بلا شيء سوي إجهاد الأعصاب وتبخر الدم ********* وبدأت رحلة الكفاح المقدسة.. ألا وهي شق طريقي وسط تلك الكتل الملتحمة .. كانت زفرات الضيق وأنات الإزعاج تلفني أثناء زحفي.. وكالعادة لم أبال
وأخيرا تحرك أحد الواقفين ليهم بالنزول.. فانتهزتها فرصة واندفعت لأحل محله
وأخيرا استقرت قدماي واسترخي جسدي في وقفته
وبدأت زفرات الضيق وأنات الانزعاج تنطلق من فمي ردا على هؤلاء الذين يدفعونني بين الحين والآخر أثناء ذهابهم وإيابهم من خلفي
نظرت أمامي ..
فإذا بأغلب الجالسين على المقاعد من السيدات.. لقد أصبح الجلوس علي تلك المقاعد من ضمن الأحلام التي يصبوا إليها المرء
وأمامي مباشرة.. كانت تجلس فتاة في مقتبل عمرها وتمسك حقيبتها بكلتا يديها.. وبجوارها ناحية النافذة كان يجلس فتي في ريعان شبابه
كانت ملامحه تنطق بالوسامة.. وشعره اللامع المصفف بعناية تامة مع ملابسه الأنيقة توحي بذوقه الرفيع.. كان ينظر من النافذة بعينين حالمتين.. وبين الحين والآخر كنت ألمح عند زاوية فمه شبح ابتسامه ولكنها كانت تموت قبل أن تكتمل
وانعقد حاجباه بشدة عندما وقع بصره على مشهد حاولتُ مسرعا أن ألتقطه.. ولكني لم أستطع
وتحرك الواقف بجواري زاعما الهبوط.. فهممت أن أشغل حيزا أكبر من ذلك الذي كنت أنكمش فيه..
ولكن.... إذا برجل طاعن في السن ذهلت كيف أنه استطاع شق طريقه وسط تلك الأهوال.. فاضطررت أن أنسحب إلى داخلي كي أفسح له مجال الوقوف
وما إن وقف ذلك الشيخ حتى التقط أنفاسه بعمق وبدأ يتجول ببصره في الجالسين أمامه.. واستقرت عيناه على ذلك الشاب
وأخذ يتنحنح بصوت عال.. تعمد أن يلفت به الأنظار
نظر الشاب نحوه نظرة خاطفة وضع بعدها بصره بين قدميه وملامحه جامدة لا تعبر عما يعتمل بداخله.. وعاد ببصره ليحلق به عبر النافذة وكأنه لم ير شيئا
تأوه الشيخ بصوت مسموع.. وأمسك ظهره باحدي يديه .. والشاب لم يحاول الالتفات نحوه
وهنا قامت الفتاة الجالسة بجواره ودعت الشيخ ليحل محلها في كرسيها ويجلس عليه.. والشيخ يحاول التمنع ولكنه جلس
أما الشاب فقد أدار وجهه بأكثر ما يستطيع نحو النافذة
وهنا لم أستطع كتمان صوتي.. فقلت بصوت مرتفع: حقا لقد أصبح شباب هذه الأيام في مرتبة دون الفتيات
وكأن عبارتي كانت هي إشارة البدء ..
فقد انطلقت التعبيرات الساخرة.. وما أمرها تلك التعليقات التي تنطلق من فم هؤلاء الذين أرهق أعصابهم العمل والشد اليومي
كانت تلك الانتقادات بمثابة محاولة للتنفيس عما يعتمل بنفوسهم من رفض لأمور كثيرة
ولست أنكر أني كنت صاحب نصيب الأسد في تلك التلميحات القاتلة
وذلك الشاب لم أكن أري من وجهه سوى زاوية جانبية صغيرة كانت متعرجة بشدة دلالة أنه يعاني انفعال ما كنت في اشتياق لمعرفته *********
وظلت الحافلة منطلقة وقد بدأت تتخفف من الأعداد المثقلة بها
وأخيرا هم ذلك الشاب بالنزول
ويا للصاعقة ... !!!!
لقد كان المسكين مصاباً بإعاقة في قدميه وكان يداريها بأحماله التي معه.. نظرت إلى وجهه فوجدت أثر الدموع المتجمدة عليها.. وعندما هبط نظر نحوي عبر النافذة.. كانت عيناه تحملان نظرة ألم عنيفة جعلتني أهوي و أنسحق إلى داخلي وأعماقي تهتز بعنف لماذا يسبقنا سوء الظن دائما إلي الظاهر أمامنا
لماذا لا نتمثل قول الصحابي الجليل: التمس لأخيك بضع وسبعون عذرا؟؟
ظلت الأفكار تموج بي .. وتعصف بكياني
وانطلقت الحافلة بمن تبقي بها


منقول.

صورة العضو الشخصية
Prince
مشرف
مشاركات: 443
اشترك في: السبت يونيو 14, 2008 4:02

Re: الحـافلــــة

مشاركة بواسطة Prince » السبت ديسمبر 20, 2008 1:45

قصه مفيده جزاك الله خيرا و جعلها في ميزان حسناتك
ننتظر مشاركاتك القادمه

صورة العضو الشخصية
Jordanian
عضو مميز
عضو مميز
مشاركات: 286
اشترك في: السبت يونيو 07, 2008 1:00

Re: الحـافلــــة

مشاركة بواسطة Jordanian » السبت ديسمبر 20, 2008 6:40

مشكوره

صورة العضو الشخصية
ملاك
عضو سوبر
عضو سوبر
مشاركات: 413
اشترك في: الجمعة ديسمبر 05, 2008 2:27

Re: الحـافلــــة

مشاركة بواسطة ملاك » الأحد ديسمبر 21, 2008 8:06

يسلمو اديكي

صورة العضو الشخصية
محمد بزادوغ قار
عضو جديد
عضو جديد
مشاركات: 3
اشترك في: الاثنين نوفمبر 24, 2008 8:32

Re: الحـافلــــة

مشاركة بواسطة محمد بزادوغ قار » الأربعاء ديسمبر 31, 2008 3:27

جزيل الشكر على القصة ...
بالتوفيق ان شاء الله

صورة العضو الشخصية
jordanman
عضو جديد
عضو جديد
مشاركات: 9
اشترك في: الأحد ديسمبر 21, 2008 11:56

Re: الحـافلــــة

مشاركة بواسطة jordanman » الخميس يناير 01, 2009 12:01

جميل جدا

صورة العضو الشخصية
بنت الأردن
صديق المنتدى
صديق المنتدى
مشاركات: 2320
اشترك في: الخميس أكتوبر 02, 2008 4:54
مكان: عمان

Re: الحـافلــــة ( قصة حقيقية)

مشاركة بواسطة بنت الأردن » الخميس فبراير 12, 2009 7:34

مشكورين على المرور.

Red-rose
صديق المنتدى
صديق المنتدى
مشاركات: 60527
اشترك في: الأحد سبتمبر 28, 2008 1:33

Re: الحـافلــــة ( قصة حقيقية)

مشاركة بواسطة Red-rose » الجمعة فبراير 13, 2009 7:40

مشكوره
قصه معبره

صورة العضو الشخصية
االجدة
عضو مميز
عضو مميز
مشاركات: 273
اشترك في: السبت ديسمبر 13, 2008 2:08

Re: الحـافلــــة ( قصة حقيقية)

مشاركة بواسطة االجدة » الجمعة فبراير 13, 2009 11:21

بارك الله فيك.
حسن الظن من حسن اسلام المرء...

صورة العضو الشخصية
صالح مفلح الطراونه
صديق المنتدى
صديق المنتدى
مشاركات: 866
اشترك في: الأربعاء يوليو 09, 2008 2:52
اتصال:

Re: الحـافلــــة ( قصة حقيقية)

مشاركة بواسطة صالح مفلح الطراونه » الأحد فبراير 15, 2009 10:28

االجدة كتب:بارك الله فيك.
حسن الظن من حسن اسلام المرء...




اشكرك قد سرحت بها كثيرا لكنني فرحت بالنهايه

أضف رد جديد

الموجودون الآن

المستخدمون الذين يتصفحون المنتدى الآن: لا يوجد أعضاء مسجلين متصلين وزائران